وشعبة تسمّى قوّة غضبيّة ، وهي قوّة تنبعث على تحريك يدفع به الشّيء المتخيّل ، ضارّا كان أو مفسدا طلبا للغلبة.
وأمّا القوّة المحرّكة على أنّها فاعلة للحركة ، فهي قوّة تنبعث في الأعصاب والعضلات ، من شأنها أن تشنّج العضلات ، فتجذب الأوتار والرّباطات المتّصلة بالأعضاء إلى نحو جهة المبدأ ، أو ترخيهما أو تمدّهما طولا ، فيصير الأوتار والرّباطات إلى خلاف جهة المبدأ.
والتفصيل أنّ لهذه الحركات الاختياريّة مبادي أربعة مترتّبة ، أبعدها عن الحركات هي القوى المدركة ، وهي الخيال أو الوهم في الحيوان ، والعقل العمليّ بتوسّطهما في الإنسان.
ويليها قوّة الشّوق ، فإنّها تنبعث عن القوى المدركة ، وتنبعث إلى شوق نحو طلب إنّما ينبعث عن إدراك الملائمة في الشّيء اللّذيذ أو النافع إدراكا مطابقا أو غير مطابق ، وتسمّى شهوة ، وإلى شوق نحو دفع وغلبة إنّما ينبعث عن إدراك منافاة في الشّيء المكروه أو الضّارّ ، ويسمّى غضبا ؛ ومغايرة هذه القوّة للقوّة المدركة ظاهرة ، وكما أنّ الرّئيس في القوى المدركة هو الوهم ، على ما سيأتي بيانه ، كذلك الرّئيس في القوى المحرّكة هو هذه القوّة.
ويليها الإجماع ، وهو العزم الذي ينجزم بعد التردّد في الفعل والتّرك ، وهو المسمّى بالإرادة والكراهة ، ويدلّ على مغايرته للشّوق ، كون الإنسان مريدا لتناول ما لا يشتهيه ، وكارها لتناول ما يشتهيه ، وعند وجود هذا الإجماع يترجّح أحد طرفي الفعل والتّرك اللذين يتساوى نسبتهما إلى القادر عليهما.
ويليه القوى المنبثّة في مبادي العضل المحرّكة للأعضاء ، ويدلّ على مغايرتها لسائر المبادي كون الإنسان المشتاق العازم غير قادر على تحريك أعضائه ، وكون القادر على ذلك غير مشتاق ولا عازم ، وهي المبادي القريبة للحركات ، وفعلها تشنيج العضل وإرسالها ، ويتساوى الفعل والتّرك بالنسبة إليهما. فيظهر أنّ القوى المنبثّة في مبادي