ملموس (٢).
وأمّا ما يتمثّلون (٣) به من الأصداف والإسفنجات وغيرها ، فإنّا نجد للأصداف في غلفها حركات انقباض وانبساط والتواء وامتداد في أجوافها ، وإن كانت لا تفارق أمكنتها ، ولذلك يعرف (٤) أنّها تحسّ بالملموس ، فيشبه أن يكون (٥) ما له لمس ، فله في ذاته حركة ما إراديّة ، إمّا لكلّيّته وإمّا لأجزائه». ـ انتهى ـ.
وأمّا الأمور الّتي تلمس ، فالمشهور من أمرها أنّها الحرارة والبرودة والرّطوبة واليبوسة والخشونة والملامسة والثّقل والخفّة ، وأمّا الصّلابة واللّين والزّوجة والهشاشة وغير ذلك ، فإنّها تحسّ تبعا لهذه المذكورات.
وللشّيخ في ذلك كلام مبسوط في «الشّفاء» ، وكذا لابن رشد المغربي في «جامع الفلسفة» بعض كلمات مع الشّيخ ، فليرجع إليهما.
ثمّ إنّهم اختلفوا ، فذهب الجمهور إلى أنّ القوّة اللامسة قوّة واحدة ، بها يدرك جميع الملموسات كسائر الحواسّ ، لأنّ اختلاف المدركات لا يوجب اختلاف الإدراكات ، ليستدلّ بذلك على تعدّد مباديها.
وذهب كثير من المحقّقين إلى أنّها قوى متعدّدة حسب تعدّد أنواع الملموسات ، وأنّه حيث كانت لهذه القوّة آلة واحدة مشتركة فيها ، فلهذا يظنّ اتّحادها ؛ وإلى هذا المذهب يميل كلام الشّيخ في «الشّفاء» حيث قال (١) : «ويشبه أن تكون هذه القوّة عند قوم ، لا نوعا أخيرا بل جنسا للقوى (٦) الأربع أو فوقها منبثّة معا في الجلد كلّها ، واحدة (٧) حاكمة في التّضادّ الذي بين الحارّ والبارد ، والثانية حاكمة في التّضادّ الذي بين الرّطب واليابس ، والثالثة حاكمة في التّضادّ الذي بين الصّلب واللّين ، والرابعة حاكمة في التضادّ الذي بين الخشن والأملس ، إلّا أنّ اجتماعها في آلة واحدة يوهم (٨) المحسوسات». ـ انتهى ـ.
__________________
(٢) في المصدر : لملموس ...
(٣) يتمثّلون هم به ...
(٤) نعرف ...
(٥) يكون كلّ ما له ...
(٦) جنسا لقوى أربع ...
(٧) كلّها ، وإحداها ...
(٨) يوهم تأحّدها في الذات».
(١) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ٣٤ ، الفصل الخامس من المقالة الأولى.