عقلا بالفعل ، لأنّه عقل (١) متى شاء بلا تكلّف اكتساب ، وإن كان يجوز أن يسمّى عقلا بالقوّة بالقياس إلى ما بعدها (٢).
وتارة تكون النسبة نسبة ما بالفعل المطلق ، وهو أن يكون (٣) الصّورة المعقولة حاضرة فيه ، وهو يطالعها بالفعل ، فيعقلها العقل (٤) ، ويعقل أنّه يعقلها بالفعل ، فيكون ما حصل له حينئذ يسمّى عقلا مستفادا (٥) ، لأنّه سيتّضح لنا أنّ العقل بالقوّة إنّما يخرج إلى الفعل بسبب عقل هو دائما بالفعل ، وأنّه إذا اتّصل العقل بالقوّة بذلك العقل الذي بالفعل نوعا من الاتّصال (٦) ، وانطبع فيه نوع من الصّور تكون مستفادة من خارج.
فهذه أيضا مراتب القوى التي تسمّى (٧) عقلا نظريّة. وعند العقل المستفاد يتمّ الجنس الحيوانيّ والنّوع الإنسانيّ (٨) وهناك يكون (٩) القوّة الإنسانيّة قد تشبّهت بالمبادي الأولى للوجود كلّه» ـ انتهى كلامه ـ.
وقال في الإشارات بعد تفصيل القوى الحيوانيّة هكذا (١٥) : «إشارة ، وأمّا نظير هذا التفصيل في قوى النّفس الإنسانيّة على سبيل التصنيف (١٠) ، فهو أنّ النّفس الإنسانيّة التي لها أن تعقل جوهر له قوى وكمالات.
فمن قواها ما لها بحسب حاجتها إلى تدبير البدن ، وهي القوّة التي تختصّ باسم العقل العمليّ ، وهي التي تستنبط الواجب فيما يجب أن يفعل من الامور الإنسانيّة جزئيّة ، ليتوصّل به إلى أغراض اختياريّة من مقدّمات أوّليّة وذائعة وتجربيّة ، وباستعانة بالعقل النظريّ في الرأى الكلّيّ إلى أن ينتقل به إلى الجزئيّ.
ومن قواها ما لها بحسب حاجتها إلى تكميل جوهرها عقلا بالفعل ، فأولاها قوّة استعداديّة لها نحو المعقولات ، وقد يسمّيها قوم عقلا هيولانيّة (١١) ، وهي المشكاة. ويتلوها (١٢) قوّة أخرى يحصل (١٣) لها عند حصول المعقولات (١٤) لها ، فيتهيّأ بها لاكتساب
__________________
(١) في المصدر : يعقل ...
(٢) ما بعده ...
(٣) أن تكون ...
(٤) فيعقلها بالفعل ...
(٥) مستفادا ، وإنّما سمّي عقلا مستفادا لأنّه ...
(٦) الاتّصال انطبع ...
(٧) تسمّى عقولا نظريّة ...
(٨) الإنسانيّ منه ...
(٩) تكون ...
(١٠) سبيل التضيّف ...
(١١) عقلا هيولانيّا ...
(١٢) تتلوها ...
(١٣) تحصل ...
(١٤) المعقولات الاولى ، فتتهيّأ بها.
(١٥) شرح الإشارات ٢ / ٣٥١ ـ ٣٥٤.