الثّواني ، إمّا بالفكرة ، وهي الشجرة الزيتونة إن كانت ضعيفة (٣) ، أو بالحدس ، وهي (٤) زيت أيضا إن كانت أقوى من ذلك ، فتسمّى عقلا بالملكة ، وهو (٥) الزجاجة ، والشريعة البالغة منها قوّة قدسيّة ، يكاد زيتها يضيء (٦) ولو لم تمسسه نار ، ثمّ يحصل بعد ذلك قوّة وكمال ، أمّا الكمال ، فأن يحصل لها المعقولات بالفعل مشاهدة متمثّلة في الذهن ، وهو نور على نور. وأمّا القوّة ، فأن يكون لها أن (٧) تحصّل المعقول المكتسب المفروغ منه كالمشاهد متى شئت من غير افتقار إلى اكتساب ، وهو المصباح. وهذا الكمال يسمّى عقلا مستفادا ؛ وهذه القوّة تسمّى عقلا بالفعل. والذي يخرج من الملكة إلى الفعل التّامّ ، ومن الهيولى أيضا إلى الملكة فهو العقل الفعّال وهو النّار». ـ انتهى ـ.
ثمّ قال (١) : «تنبيه : لعلّك تشتهي الآن أن تعرف الفرق بين الفكرة والحدس ؛ فاسمع (٨) : أمّا الفكرة فهي حركة ما للنّفس في المعاني ، مستعينة بالتخيّل في أكثر الأمر ، يطلب بها الحدّ الأوسط ، أو ما يجري مجراه ممّا يصار به إلى العلم بالمجهول حالة (٩) الفقر استعراضا للمخزون في الباطن وما يجرى مجراه ، فربّما تأدّت إلى المطلوب ، وربّما انبثّت (١٠). وأمّا الحدس ، فهو (١١) أن يتمثّل (١٢) الحدّ الأوسط في الذهن دفعة ، إمّا عقيب طلب وشوق من غير حركة ، وإمّا من غير اشتياق وحركة ، ويتمثّل منه ما هو وسط له أو في حكمه».
ثمّ قال (٢) : «إشارة (١٣). ولعلّك تشتهي أن تعرف زيادة دلالة على القوّة القدسيّة وإمكان وجودها ، فاسمع (١٤) : ألست تعلم أنّ للحدس وجودا ، وأنّ للنّاس (١٥) فيه مراتب ، وفي الفكر (١٦) ، فمنهم غبيّ لا يعود (١٧) عليه الفكر مراده ، ومنهم من له فطانة إلى حدّ ما ويستمتع بالفكر ، ومنهم من هو أثقف من ذلك وله إصابة في المعقولات بالحدس. وتلك الثّقافة غير متشابهة في الجميع ، بل ربّما قلّت وربّما كثرت ، وكما أنّك تجد جانب النقصان منتهيا إلى
__________________
(١) شرح الإشارات ٢ / ٣٥٨.
(٢) شرح الإشارات ٢ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠.
(٣) في المصدر : كانت ضعفى ...
(٤) بالحدس فهي زيت ...
(٥) وهي الزجاجة والشريفة البالغة ...
(٦) يضيء ثمّ يحصل لها بعد ذلك ...
(٧) أن يحصل ...
(٨) فاستمع ...
(٩) حالة الفقد ...
(١٠) انبتّت ...
(١١) وهو أن ...
(١٢) يتمثّل معه ...
(١٣) ولعلّك تشتهي زيادة ...
(١٤) فاستمع ...
(١٥) وأنّ للإنسان ...
(١٦) وفي الفكرة ...
(١٧) لا تعود عليه الفكرة برادة.