الشيخ ، وهو المشهور بين القوم سواء بسواء ؛ فعلم من ذلك أنّه يصحّ إطلاق القوّة على النّفس ، وكذا يصحّ تحديدها بما ذكرنا. والله أعلم بحقيقة الحال.
ثمّ إنّ قول الشيخ : (١) «ويصحّ أن يقال (٣) أيضا بالقياس إلى استكمال الجنس بها نوعا محصّلا في الأنواع العالية أو السافلة كمال ، لأنّ طبيعة الجنس تكون ناقصة غير محدودة ما لم يحصّلها (٤) طبيعة الفصل البسيط وغير (٥) البسيط منضافا إليها ، فإذا انضاف كمل النوع ، فالفصل كمال النوع بما هو نوع ، وليس لكلّ نوع فصل بسيط ، قد علمت هذا ، بل إنّما هو للأنواع المركّبة (٦) من مادّة وصورة ، والصورة منهما (٧) هو الفصل [البسيط] لما هو كماله (٨)».
هذا بيان لانّه يصحّ إطلاق الكمال على النّفس ، ولأن إطلاقه عليها على أيّ معنى وعلى أيّة جهة ، وحيث كان بيان ذلك ، وكذا بيان ما بعده يستدعي تمهيد مقدّمة ، قد حقّقها الشيخ في موضع آخر ، فلنذكر ذلك ثمّ نتبعه بشرح هذا الكلام.
فنقول : إنّه قال في إلهيّات الشفاء في فصل «في الفصل بين الجنس والمادة» (٢) : «إنّ الجسم قد يقال إنّه جنس الإنسان وقد يقال (٩) إنّه مادّة الإنسان ، فإن كان مادّة الإنسان ، كان لا محالة جزءا من وجوده ، واستحال أن يحصل ذلك الجزء على الكلّ ، ولننظر (١٠) كيف يكون الفرق بين الجسم ـ وقد اعتبرناه مادّة ـ وبينه ـ وقد اعتبر جنسا ـ فهناك (١١) يصير لنا سبيل إلى معرفة ما نريد بيانه.
فإذا أخذنا الجسم جوهرا ذا طول وعرض وعمق من جهة ما له هذا الشرط ، ويشترط (١٢) أنّه ليس داخلا فيه معنى غير هذا ، وبحيث لو انضمّ إليه معنى غير هذا ، مثل حسّ أو تغذّ أو غير ذلك ، كان خارجا عن الجسميّة ومحمولا في الجسميّة ومضافا إليها (١٣) ، فالجسم مادّة.
__________________
(١) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ٦ ـ ٧ ، الفصل الأول من المقالة الأولى من الفنّ السادس.
(٣) في المصدر : أن يقال لها أيضا ...
(٤) تحصّلها ...
(٥) أو غير البسيط ...
(٦) المركّبة الذوات ...
(٧) منها ...
(٨) الفصل البسيط لما هو كماله ...
(٩) قد يقال له إنّه ...
(١٠) فلننظره ...
(١١) فهنالك ...
(١٢) هذا ، وبشرط أنّه ليس داخلا ...
(١٣) كان معنى خارجا عن الجسميّة ، محمولا في الجسميّة ، مضافا إليها.
(٢) الشفاء ـ الإلهيّات / ٢١٣ ـ ٢١٦.