محصّلا ، والمتحصّل نوعا. وكذلك له أن يعتبر في تحديد أنواعها التي هي أنواع لتلك الأجناس ، وهي أنواع عند كلّ فريق من الحكماء ، كالخطّ والسطح والجسم التعليميّ ، التي هي أنواع للمقدار وهو جنس لها ؛ بأن يقول : إنّ الخطّ مثلا هو مقدار متّصل من شأنه الانقسام في جهة ، وإنّ السّطح هو مقدار متّصل من شأنه الانقسام في جهتين ، وإنّ الجسم التعليميّ مقدار متّصل من شأنه الانقسام في الجهات الثلاث ؛ فيعتبر المقدار جنسا ، وما بعده فصلا والمتحصّل نوعا وكذلك له أن يعتبر في جميع هذه الفروض ما اعتبره جنسا مادّة ، وما اعتبره فصلا صورة ، من حيث إنّه يمكن أن يعتبر الجنس مادّة ، والفصل صورة في الأنواع الجوهريّة المركّبة من المادّة والصّورة ، إلّا أنّه لا يكون على هذا شيء متميّز في الخارج أو في الواقع هو جنس ، وشيء متميّز مادّة ، ولا شيء متميّز كذلك هو فصل ، وشيء هو صورة ؛ بل كلّ هذه موجود واحد ، وشيء غير متعدّد. وكيف يمكن التميّز والتعدّد والمفروض كون الذّات واحدة غير مركّبة من مادّة وصورة؟
فإن قلت : إذا أخذ العقل الجنس والفصل من نفس ذات بسيطة ، ثمّ اعتبرهما اعتبارا يكونان به مادّة وصورة ، فيكون الانضمام حينئذ انضمام متحصّل بمتحصّل ، واقتران متميّز بمتميّز ؛ فيلزم من هذا أن يكون المأخوذ منه مركّبا خارجيّا ، بناء على أنّ الامور المتغايرة وخصوصا المتباينة لا تطابق موجودا واحدا وذاتا واحدة بسيطة.
قلت : ما ذكرنا مبنيّ على جواز انتزاع الامور المتباينة أو المتخالفة ، وأخذ المعاني الكثيرة من ذات واحدة وبسيطة ، وعلى أنّ الأخذ على هذا الوجه إنّما هو بمجرّد التعمّل العقليّ ، وبمحض الاحتيال الذهنيّ ، حيث إنّ البسيط لا مادّة له ولا صورة إلّا بمجرّد اعتبار العقل ، وعلى أنّ التركيب في الحدّ لا يوجب التركيب في المحدود ، وإن كان الحدّ عين المحدود باعتبار ، إذ التّفاوت بالإجمال والتفصيل ، إنّما هو في الملاحظة لا في الملحوظ ؛ ولا مانع من ذلك كلّه ، كما حقّق في موضعه.
وهذا الذي ذكرناه ، إنّما هو تحرير ما نقلنا من كلام الشيخ في إلهيات الشفاء ، ويتّضح به شرح ما قصدنا شرحه من عبارته في تحديد النفس هنا ، حيث يتّضح منه أنّ معنى قوله :