«ويصحّ أن يقال أيضا .. إلى آخره» أنّه يصحّ أن يقال أيضا للنّفس ، بالقياس إلى استكمال الجنس بها ؛ أي استكمال الجسم الذي هو متعلّق النفس ، نباتيّة كانت أم حيوانيّة ، بل إنسانيّة أيضا ، إذا اخذ ذلك الجسم بالاعتبار الذي يكون به جنسا لا مادّة ، كما يدلّ عليه كلامه فيما بعد أيضا ، أي «في أنّ النّفس كمال لجسم طبيعيّ» إلى آخره ـ.
حيث قال (١) : «ويجب أن يؤخذ الجسم بالمعني الجنسي لا بالمعنى المادّة (٢)». وبالجملة أن يقال لها ، بالقياس إلى استكمال ذلك الجسم ـ الذي هو جنس باعتبار ـ بها ، نوعا محصّلا في الأنواع العالية أو السافلة ، كالجسم النامي والحيوان والإنسان : إنّها كمال ؛ أي منشأ لحصول ذلك الكمال والتماميّة النوعيّة ، لأنّ طبيعة الجنس بما هي جنس تكون ناقصة غير محدودة ما لم يحصّلها طبيعة الفصل البسيط ، أي الفصل الذي هو جزء متميّز في الوجود ، كما في الأنواع الجوهريّة المركّبة من المادّة والصورة ، وما لم يحصّلها الفصل غير البسيط ، أي الفصل الذي هو بمجرّد اعتبار العقل ، من غير أن يكون جزءا متميّزا ، كما في الأنواع البسيطة ، حال كون ذلك الفصل البسيط أو غير البسيط منضافا إلى تلك الطبيعة الجسميّة الجنسيّة ، محصّلا لها ومقوّما إيّاها. فإذا انضاف إليها ، كمل النوع وتمّ ؛ فالفصل حينئذ كمال النوع بما هو ذلك النوع ، سواء كان نوعا عاليا أم سافلا ، وسواء كان نوعا إضافيّا أم حقيقيّا ، وسواء كان بسيطا أم مركّبا.
وقد عرفت ـ أي بما ذكره في إلهيّات الشفاء كما نقلناه وحرّرناه ـ أن ليس لكلّ نوع فصل بسيط بالمعنى المذكور ، بل إنّما هو للأنواع المركّبة من مادّة وصورة ، والصّورة منهما هو الفصل البسيط لما هو كماله ، أي النوع.
وقد أشعر الشيخ بما ذكره ، أنّ الفصل ـ وإن كان أعمّ من الصورة باعتبار أنّه يكون للنوع البسيط وغير البسيط جميعا ـ بخلاف الصورة فإنّها إنّما تكون للنوع المركّب من مادّة وصورة وحده ، وأنّ الفصل حيث كان كمالا للنوع ، كان كمالا للنوع البسيط
__________________
(١) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ١٠ ، الفصل الأوّل من المقالة الاولى من الفنّ السادس.
(٢) في المصدر : الماديّ.