النباتيّة والحيوانيّة والإنسانيّة ، وإن كانت مما يصدق عليها الجوهر ، إلّا انّها حيث اعتبرت فصولا لتلك الأنواع الجوهريّة لا أنواعا ، لا يكون صدق الجوهر ـ سواء قيل بأنّه جنس لما تحته ، أو قيل بأنّه ليس بجنس لما تحته ـ وكذا صدق تلك الأجناس التي هي جواهر حقيقة ، أعني الجسم المطلق والجسم النامي والحيوان عليها ، أي على تلك الفصول ، صدقا ذاتيا وجوهريّا ، على ما عرفت من أنّ صدق الجنس على الفصل لا يكون ذاتيّا ، أي أن يكون الجوهر داخلا في حقيقتها ، أو مأخوذا في حدودها ، بل عرضيّا خارجا عنها لازما لها.
والحاصل أنّ تلك الفصول يلزمها كونها جوهرا باعتبار جوهريّة أجناسها واتّحادها معها نوعا من الاتّحاد ، وبه ينتفي لزوم تقوّم الجوهر بالعرض ، لا أن تكون حقائقها جواهر في أنفسها وفي حدود ذواتها.
ولا يخفى أنّ هذا المعنى من الجوهريّة هو الذي نرومه هنا ، وندّعي عدم ثبوته لتلك الفصول بمجرّد كونها فصولا وكمالات ، وهذا كما أنّ فصل الكيف مثلا ، وإن صدق عليه أنّه عرض أو كيف ، إلّا أنّه لا يكون صدق العرض ، سواء كان جنسا لما تحته من الأنواع العرضيّة أم لم يكن ، وكذا صدق الكيف الذي هو جنس عندهم لما تحته على ذلك الفصل صدقا ذاتيّا وجوهريّا ، يكون هو بالقياس إلى نوع الكيف ، بل صدقا عرضيّا.
والحاصل أنّه يلزم ذلك الفصل أن يكون عرضا أو كيفا باعتبار اتّحاده مع جنسه الذي هو عرض وكيف بالحقيقة ، لا أن يكون هو نفسه في حدّ ذاته عرضا أو كيفا بالحقيقة ، بحيث يكون ذلك ذاتيّا له وداخلا في حقيقته وحدّه.
والمحصّل أنّ صدق تلك الأجناس الجوهريّة على تلك الفصول التي نحن بصدد بيانها ، ليس هو صدق حقيقة الجوهر ، أي الموجود لا في موضوع ، بل صدق ما صدق عليه حقيقة الجوهر ؛ ومع ذلك فليس صدقه عليها صدقا جوهريّا ، بل عرضيّا ؛ فمن أين يلزم جوهريّة تلك الفصول بالحقيقة؟
فإن قلت : إذا لم يكن لفصول الجواهر جوهريّة إلّا جوهريّة أجناسها ، لكانت هي