الثاني هو أمر من الامور التي تتبع وجود الشيء بعد أن كان نوعا بالفعل من أفعاله وانفعالاته ، وهذا كالقطع للسيف ، وكالتميّز والرويّة والإحساس والحركة للإنسان ، فإن هذه كمالات لا محالة للنوع ، أي لنوع السيف ولنوع الانسان ، لكن ليست أوّليّة ، فإنّه ليس يحتاج ذلك النوع في أن يصير هو ما هو بالفعل إلى حصول هذه الأشياء له بالفعل ، بل إنّما يحتاج في صيرورته نوعا بالفعل إلى حصول مبدأ هذه الأشياء بالفعل ، أي إلى الكمال الأوّل ، وما هو متبوع هذه الأشياء وملزومها ، وإن كان حصول هذه الأشياء له بالقوّة ، أي بالقوّة القريبة.
وقوله : «بل إذا حصل له مبدأ هذه الاشياء»
شرط جوابه قوله : «صار حينئذ الحيوان حيوانا بالفعل» (١)
وقوله : «تحتاج» إمّا بضمير التأنيث نعت ثان لقوله : «بقوّة بعيدة» أو بضمير التذكير نعت للكون الذي يفهم من قوله : «بعد ما لم يكن بالقوّة الّا بقوّة بعيدة». (١)
وقوله : «إلى أن يحصل (٣) فيها أو قبلها ـ على اختلاف النسختين ـ شيء»
الضمير في فيها أو قبلها راجع إلى القوّة.
وقوله : «حتّى تصير (٤) بالحقيقة بالقوّة»
الضمير في «يصير» إن كان بالتذكير ، فهو راجع إلى الكون بالقوّة ، وإن كان بالتأنيث فهو راجع إلى القوّة ، ومعنى الصيرورة بالحقيقة بالقوّة ، الصيرورة بالقوّة القريبة. ومعنى الكلام أنّه ليس يحتاج النوع في أن يصير هو ما هو بالفعل إلى حصول هذه الأشياء التي الكمالات الثانية له بالفعل ، بل إذا حصل له مبدأ هذه الأشياء ، أي الكمال الأوّل بالفعل ، حتّى صار له هذه الأشياء بسبب حصول مبدئها له بالقوّة القريبة ، بعد ما لم تكن إلّا بقوّة بعيدة ، يحتاج تلك القوّة أو الكون بتلك القوّة إلى أن يحصل قبل تلك القوّة أو فيها شيء هو مبدؤها ، حتّى يصير القوّة أو الكون بالقوّة قوّة قريبة وقوّة بالحقيقة ، صار حينئذ ذلك النوع
__________________
(١) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ١٠ ، الفصل الأوّل من المقالة الاولى من الفنّ السادس.
(٣) في المصدر : يحصل قبلها ...
(٤) حتّى يصير.