المعلومة ومصدر الأفعال المنسوبة إلى الحياة ، حياة ؛ لم يكن معه ـ حيث لا مناقشة في الاصطلاح ـ مناقشة في هذه التسمية ، وفى كون إضافة تلك الأفعال إلى النفس وإلى الحياة بمعنى واحد ، هو كون تلك الأفعال مستندة إلى الشّيء الذي يسمّى تارة نفسا ، واخرى حياة ، وكونه مبدأ لها ، وفي أنّ كون ذي نفس ذا حياة وبالعكس ؛ يستلزم اتّحادهما حينئذ.
وأمّا المفهوم عند الجمهور من لفظة الحياة المقولة على الحيوان ، فهو أمران غير معنى النفس : أحدهما كون الشّيء ـ أي الجسم ـ موجودا فيه مبدأ ـ أي نفس ـ يصدر عنه تلك الأحوال والأفعال المعلومة ، أو كون الشّيء ـ أي الجسم ـ بحيث يصحّ صدور تلك الأحوال والأفعال عنه.
فأمّا المعنى الأول من المعنيين ، فمعلوم أنّه ليس معنى النفس بوجه من الوجوه ، إذ كون الشّيء موجودا فيه النفس لا يكون عين النفس ، بل يكون حينئذ النفس أمرا آخر غير ذلك الكون ، وغير ذلك الشّيء الكائن الذي قد فرض موجودا فيه النفس.
وأمّا المعنى الثاني ، فيدلّ على معنى أيضا غير معنى النفس ، وذلك لأنّ كون الشيء بحيث يصحّ أن يصدر عنه شيء أو يوصف بصفة ، لكون الجسم هنا بحيث يصدر عنه تلك الأحوال ، أو يوصف بأنّه مبدأ لتلك الأحوال يكون على وجهين :
أحدهما أن يكون في الوجود ـ أي الموجود ـ هناك شيئا آخر أيضا غير ذلك الكون نفسه ، وغير ذلك الكائن على تلك الحيثيّة ، يصدر عن ذلك الكائن على تلك الحيثيّة بانضمام ذلك الشيء الآخر ، الذي هو كمال للشيء الأوّل ، ما يصدر عنه من تلك الأفعال والأحوال.
وهذا مثل كون السفينة بحيث يصدر عنها منافع السفينة ، فإنّ ذلك ممّا يحتاج إلى الربّان الذي هو كمال السفينة ، وإلى انضمامه إليها ؛ حتّى يحصل ويتمّ هذا الكون. ولا يخفى أنّ هذا الربّان وهذا الكون ليسا شيئا واحدا بالموضوع والذات ، وكذا ليس الربّان وهذا الكائن بهذا الكون شيئا واحدا بالموضوع ، بل إنّ الربّان مغاير بالموضوع والحقيقة