قوله : (وهذا كما ترى ينادي بالمغايرة).
قد عرفت : أنّ كلامه صريح في وجوب مقدّمة الواجب مطلقا ، وإنّما منعه من وجوب غير السبب بعد تعلّق الأمر بما يتوقّف عليه من جهة دوران الأمر عنده بين كون الواجب مطلقا بالنسبة إليها أو مقيّدا ، وذلك ممّا لا ربط له بمنع وجوب مقدّمة الواجب بعد ثبوت إطلاقه بالنسبة إليها كما هو محلّ النزاع في المقام.
قوله : (وما اختاره السيّد فيه محلّ تأمّل).
قد عرفت أنّ ظاهر ما يتراءى من كلام السيّد قدسسره ممّا لا وجه له فيما إذا كان الأمر المتعلّق بالفعل مطلقا.
وما احتجّ به ـ من تعلّق الأمر بالشيء تارة مطلقا واخرى مقيّدا ولا دلالة فيه على شيء من الصورتين ـ قد عرفت ضعفه ، كيف ولو تمّ ما ذكره لجرى بالنسبة إلى غير المقدّمة أيضا؟ إذ كما يكون الواجب بالنسبة إلى مقدّمته قسمين فكذا بالنظر إلى غير مقدّمته ، إذ قد يتوقّف وجوب الشيء على ما لا يتوقّف عليه وجوده.
وقد يحتجّ له أيضا بأنّه لو بقي الأمر على إطلاقه ولم يقيّد بوجود مقدّمته فإمّا أن يقال : بوجوب المقدّمة أو عدمه ، لا سبيل إلى الثاني وإلّا لزم وجوب التوصّل إلى الواجب بما ليس بواجب ولا إلى الأوّل ، لمخالفته للأصل ، فكما أنّ قضية الأصل إطلاق الأمر إلى أن يثبت التقييد فكذا الأصل عدم وجوب المقدّمة إلى أن يثبت وجوبها.
وضعفه أيضا ظاهر أمّا على القول بعدم وجوب المقدّمة فواضح وأمّا على القول بوجوبها فمن البيّن تقديم حال الإطلاق ولا وجه للقول بمقاومته لأصالة عدم وجوب المقدّمة، إذ تلك من اصول الفقاهة وأصالة عدم التقييد من اصول الاجتهاد ، كيف ولو صحّ ذلك لزم أن لا يصحّ الاستناد إلى شيء من الإطلاقات في إثبات الأحكام المخالفة للأصل؟ وهو فاسد بالاتّفاق. هذا.
وقد عرفت فيما مرّ إمكان توجيه كلام السيّد بما لا ينافي المشهور وكأنّه