تابعة للمصالح ودفع المفاسد ، فإذا كانت المصلحة الداعية إلى الفعل بالغة إلى حدّ لا يجوز إهمالها وتفويتها على المكلّف وجب أمر الشارع به ، وكذا الحال في المصلحة الداعية إلى تركه ومن البيّن : أنّ المصالح الداعية إلى الفعل أو الترك قد تكون مترتّبة على نفس ذلك الفعل أو الترك وقد تكون مترتّبة على فعل شيء آخر أو تركه فيتعلّق الطلب به من حيث كونه مؤدّيا إلى ما يترتّب عليه ذلك ، فإنّ من الواضح أنّ ملاحظة ترتّب المصلحة أو المفسدة على الفعل أو الترك لا يجب أن يكون بلا واسطة ، وحينئذ فاللازم من ذلك تكليف الشارع بالمقدّمات على نحو تكليفه بأداء نفس الواجبات ، نظرا إلى ما ذكر من مراعاة المصلحة اللازمة والمفسدة المترتّبة.
ويمكن الإيراد عليه : بأنّ القدر اللازم الّذي يقضي به وجوب اللطف هو إعلام المكلّف بالحال وإلزامه بالفعل أو الترك على نحو ما يقتضيه المصلحة من الفعل أو الترك لئلا يفوته نفع تلك المصلحة أو يلحقه ضرر تلك المفسدة وذلك حاصل بإلزامه بنفس الفعل الّذي يترتّب عليه ذلك من غير حاجة إلى إلزامه بما يؤدّي إلى ذلك.
وقد يدفع ذلك بأنّه إن كان ترتّب المصلحة أو المفسدة على الفعل كذلك قاضيا بحسن التكليف على مقتضى ذلك ، فلا يجوز إهمال الشارع له وإن لم يكن قاضيا به ، فلا يجوز وقوع الطلب والإلزام من الشارع على الوجه المذكور والثاني باطل قطعا لتعلّق التكاليف الشرعية بكثير من الأفعال على الوجه المذكور فإنّ الواجبات التوصّليّة المأمور بها في الشريعة لأجل الإيصال إلى واجبات اخر غير عزيزة في الشريعة فلابدّ إذن من حصول التكليف على حسب المصالح المترتّبة على الأفعال بالواسطة أيضا.
كيف! وحصول التكليف على الوجه المذكور ومراعاة العقلاء له في أوامرهم ونواهيهم أمر واضح غنيّ عن البيان ، فإنّ من تأمّل في القواعد العقليّة ومارس المصالح الحكميّة والتدبيرات الكلّيّة وعرف مجاري أحكام العقلاء وأهل المعرفة عرف أنّ ما يجب رعايته والأمر به قد يكون ممّا يترتّب عليه المصلحة لذاته وقد