نعم ربما يصحّ ما ذكره بالنسبة إلى غير أوامر الشرع فيما إذا اعتقد الآمر ـ ولو بحسب ظاهر الحال ـ بقاء العبد فأطلق الأمر بالنسبة إليه فإنّه يجب عليه حينئذ أداء الفعل في الوقت الّذي عيّنه لأدائه ويكون بقاء ذلك التكليف حينئذ مشروطا ببقاء العبد ، فحينئذ يعقل القول بوجوب مقدّمته قبل سقوط التكليف عنه بسبب انتفاء الشرط عند حضور وقت الفعل ، بناءا على كون الوقت شرطا لأداء الفعل لا لوجوبه ، كما سيجيء تفصيل القول فيه إن شاء الله إلّا أنّ الفرض المذكور خارج عن محلّ البحث فإنّ محطّ الكلام في المقام خصوص أوامر الشرع ولا يعقل ذلك بالنسبة إليها.
وثالثا : بأنّ ذلك لو تمّ لدلّ على استحقاقه العقوبة على ترك نفس المقدّمة لتسليمه وابتناء كلامه على عدم وجوب ذي المقدّمة بالنسبة إليه ، كما عرفت وذلك قاض بوجوب المقدّمة لنفسها وقد عرفت وضوح فساده.
والتحقيق أن يقال : باستحقاق العبدين المفروضين للعقوبة إلّا أنّه يختلف جهة الاستحقاق بالنسبة إليهما ، فإنّ العبد الباقي إنّما يستحقّ العقوبة من جهة إقدامه على ترك الواجب بسبب اختياره لترك المقدّمة وإتيانه بالسبب المفضي إلى تركه ، وأمّا الآخر فلا يستحقّ العقوبة على ترك ذلك الواجب لما عرفت من انتفاء الوجوب بالنسبة إليه وإنّما يستحقّ العقاب من جهة تجرّيه على ترك الواجب حيث إنّه اعتقد بقاءه إلى حين الفعل ومع ذلك تصدّى لما يفضي إلى ترك ذلك الفعل عند حضور زمانه ، فحصول العصيان واستحقاق العقوبة إنّما هو من جهة ترك نفس الواجب واقعا أو من جهة التجرّي عليه وذلك ممّا لا مدخل له في وجوب المقدّمة وعدمه.
ولو تشبّت حينئذ بحصول العصيان والمخالفة بسبب ترك المقدّمة ـ وإن كان لإدّائه إلى ترك ذيها وهو كاف في إفادة المقصود ـ كان ذلك رجوعا إلى الوجه المتقدّم فلا حاجة إلى ضمّ المقدّمات المذكورة ولا فرض المسألة في العبدين المفروضين كما لا يخفى.