هل هو عينه أو مستلزمه كما ستسمعه. وهذا النزاع ليس ببعيد عن الضدّ العامّ ، بل هو إليه أقرب.
ثمّ إنّ محصّل الخلاف هنا : أنّه ذهب قوم إلى أنّ الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه في المعنى. وآخرون إلى أنّه يستلزمه ، وهم : بين مطلق للاستلزام ، ومصرّح بثبوته لفظا. وفصّل بعضهم ، فنفى الدلالة لفظا وأثبت اللزوم معنى ، مع تخصيصه لمحلّ النزاع بالضدّ الخاصّ.
لنا على عدم الاقتضاء في الخاصّ لفظا : أنّه لو دلّ لكانت واحدة من الثلاث ، وكلّها منتفية.
أمّا المطابقة ، فلأنّ مفاد الأمر لغة وعرفا هو الوجوب ، على ما سبق تحقيقه. وحقيقة الوجوب ليست إلّا رجحان الفعل مع المنع من الترك. وليس هذا معنى النهي عن الضدّ الخاصّ ضرورة.
وأمّا التضمّن ، فلأنّ جزءه هو المنع من الترك. ولا ريب في مغايرته للأضداد الوجوديّة المعبّر عنها بالخاصّ.
وأمّا الالتزام ، فلأنّ شرطها اللزوم العقليّ أو العرفيّ. ونحن نقطع بأنّ تصوّر معنى صيغة الأمر لا يحصل منه الانتقال إلى تصوّر الضدّ الخاصّ ، فضلا عن النهي عنه.
ولنا على انتفائه معنى : ما سنبيّنه ، من ضعف متمسك مثبتيه ، وعدم قيام دليل صالح سواه عليه.
ولنا على الاقتضاء في العامّ بمعنى الترك : ما علم من أنّ ماهيّة الوجوب مركّبة من أمرين ، أحدهما المنع من الترك. فصيغة الأمر الدالّة على الوجوب دالّة على النهي عن الترك بالتضمّن ، وذلك واضح.
احتجّ الذاهب إلى أنّه عين النهي عن الضدّ : بأنّه لو لم يكن نفسه ، لكان إمّا مثله ، أو ضدّه ، أو خلافه ، واللازم بأقسامه باطل.