بيان الملازمة : أنّ كلّ متغايرين إمّا أن يكونا متساويين في الصفات النفسيّة ، أو لا ـ والمراد بالصفات النفسيّة : ما لا يفتقر اتّصاف الذات بها إلى تعقّل أمر زائد ، كالإنسانيّة للإنسان. وتقابلها المعنويّة المفتقرة إلى تعقّل أمر زائد ، كالحدوث والتحيّز له ـ فإن تساويا فيها ؛ فمثلان ، كسوادين وبياضين. وإلّا ، فإمّا أن يتنافيا بأنفسهما ، بأن يمتنع اجتماعهما في محلّ واحد بالنظر إلى ذاتيهما ، أو لا. فإن تنافيا كذلك ، فضدّان ، كالسواد والبياض. وإلّا ، فخلافان ، كالسواد والحلاوة.
ووجه انتفاء اللازم بأقسامه : أنّهما لو كانا ضدّين أو مثلين لم يجتمعا في محلّ واحد ، وهما مجتمعان ؛ ضرورة أنّه يتحقّق في الحركة الأمر بها والنهي عن السكون الّذي هو ضدّها. ولو كانا خلافين لجاز اجتماع كلّ منهما مع ضدّ الآخر ، لأنّ ذلك حكم الخلافين ، كاجتماع السواد ـ وهو خلاف الحلاوة ـ مع الحموضة ، فكان يجوز أن يجتمع الأمر بالشيء مع ضدّ النهي عن ضدّه ، وهو الأمر بضدّه. لكن ذلك محال ، إمّا لأنّهما نقيضان ، إذ يعدّ «إفعل هذا» و «إفعل ضدّه» أمرا متناقضا ، كما يعدّ «فعله» و «فعل ضدّه» خبرا متناقضا ؛ وإمّا لأنّه تكليف بغير الممكن ، وأنّه محال.
والجواب : إن كان المراد بقولهم : «الأمر بالشيء طلب لترك ضدّه» على ما هو حاصل المعنى : أنّه طلب لفعل ضدّ ضدّه ، الّذي هو نفس الفعل المأمور به ، فالنزاع لفظيّ، لرجوعه إلى تسمية فعل المأمور به تركا لضدّه ، وتسمية طلبه نهيا عنه. وطريق ثبوته النقل لغة، ولم يثبت. ولو ثبت فمحصّله : أنّ الأمر بالشيء ، له عبارة اخرى ، كالاحجيّة ، نحو : «أنت وابن أخت خالتك». ومثله لا يليق أن يدوّن في الكتب العلميّة.
وإن كان المراد : أنّه طلب للكفّ عن ضدّه ، منعنا ما زعموا : أنّه لازم