للخلافين ـ وهو اجتماع كلّ مع ضدّ الآخر ـ لأنّ الخلافين : قد يكونان متلازمين ؛ فيستحيل فيهما ذلك ؛ إذ اجتماع أحد المتلازمين مع الشيء يوجب اجتماع الآخر معه ؛ فيلزم اجتماع كلّ مع ضدّه ، وهو محال. وقد يكونان ضدّين لأمر واحد ، كالنوم للعلم والقدرة ، فاجتماع كلّ مع ضدّ الآخر يستلزم اجتماع الضدّين.
حجّة القائلين بالاستلزام وجهان :
الأوّل ـ أنّ حرمة النقيض جزء من ماهيّة الوجوب. فاللفظ الدالّ على الوجوب يدلّ على حرمة النقيض بالتضمّن. واعتذر بعضهم ـ عن أخذ المدّعى الاستلزام ، واقتضاء الدليل التضمّن ـ بأنّ الكلّ يستلزم الجزء. وهو كما ترى.
واجيب : بأنّهم إن أرادوا بالنقيض ـ الّذي هو جزء من ماهيّة الوجوب ـ الترك ؛ فليس من محلّ النزاع في شيء ؛ إذ لا خلاف في أنّ الدالّ على الوجوب دالّ على المنع من الترك ، وإلّا ، خرج الواجب عن كونه واجبا. وإن أرادوا أحد الأضداد الوجوديّة ، فليس بصحيح ، إذ مفهوم الوجوب ليس بزائد على رجحان الفعل مع المنع من الترك ، وأين هو من ذاك؟
وأنت إذا أحطت خبرا بما حكيناه في بيان محلّ النزاع ، علمت أنّ هذا الجواب لا يخلو عن نظر ؛ لجواز كون الاحتجاج لاثبات كون الاقتضاء على سبيل الاستلزام في مقابلة من ادّعى أنّه عين النهي ، لا على أصل الاقتضاء. وما ذكر في الجواب إنّما يتمّ على التقدير الثاني.
فالتحقيق : أن يردّد في الجواب بين الاحتمالين ؛ فيتلقّى بالقبول على الأوّل ، مع حمل الاستلزام على التضمّن ، ويردّ بما ذكر في هذا الجواب على الثاني.