كما في الضدّ العامّ بمعنى الترك فيقابله تقابل الإيجاب والسلب أو كان مضادّا له ملازما لنقيضه ، كما في سائر الأضداد الخاصّة المنافية للمأمور به بالذات الملازمة لما يناقضه ـ أعني: الترك ـ.
وقد يعدّ منافاتها للمأمور به حينئذ عرضيّة وهو غير متّجه لوضوح كون المنافاة بين الضدّين ذاتية ولذا يعدّ تقابل التضادّ من أقسام التقابل من غير أن يرجع إلى تقابل الإيجاب والسلب وكان القائل المذكور يسلم ذلك ، وما ذكره مبنيّ على المسامحة في التعبير وإلّا فالفرق بين الضدّ ولوازمه أمر غنيّ عن البيان. هذا.
وأمّا الضدّ الخاصّ فقد يطلق على كلّ من الأفعال الوجودية المنافية للمأمور به بالذات والوجه في إطلاق الخاصّ عليها ظاهر وقد يطلق على المفهوم الجامع بين تلك الأضداد ـ أعني : الفعل الوجودي الخاصّ الّذي لا يجامع المأمور به بالذات ـ وهو حينئذ عنوان لكلّ من تلك الأضداد وآلة لملاحظتها بخصوصيّاتها على وجه كلّي ، والنهي في الحقيقة إنّما يتعلّق بتلك الجزئيّات وإن لوحظت بالعنوان العامّ ولا منافاة وهو بهذا المعنى وإن كان شاملا لجميع الأضداد الخاصّة ، فربما يتوهّم كون المناسب عدّه ضدّا عاما نظرا إلى ذلك لكن لما كانت الخصوصيّة ملحوظة في المفهوم المذكور على وجه الإجمال ، بل كان المنهيّ عنه في الحقيقة هو كلّ واحد من الأضداد الخاصّة وكان ذلك العنوان العامّ آلة لملاحظتها صحّ عدّه خاصا.
وقد يؤخذ المعنى المذكور بإسقاط ملاحظة الخصوصيّة فيقال : إنّه الفعل الوجودي الّذي لا يجامع المأمور به بالذات فيكون مفاده حينئذ أمرا كلّيّا منطبقا على الجزئيّات الخاصّة من غير أن يكون شيء من تلك الخصوصيّات مأخوذة في مفهوم الضدّ ، وهو بهذا الاعتبار أيضا ضدّ خاصّ ، وإن كان أقرب إلى العموم من الوجه السابق لتعلّق النهي أيضا بتلك الجزئيّات الخاصّة من حيث انطباق ذلك عليها وإن لم يكن شيء من تلك الخصوصيّات متعلّقة للنهي بملاحظة خصوصيّاتها بل إنّما يتعلّق النهي بها من جهة كونها فعلا وجوديّا مضادّا للمأمور به