فهي أضداد خاصّة يتعلّق النهي بها من جهة كونها من جزئيّات المنهيّ عنه ، فلا وجه أيضا لاندراج ذلك في الضدّ العامّ ، كيف ولا يتعلّق النهي في الضدّ العامّ بشيء من جزئيّات الأفعال ، وإنّما يتعلّق بأمر عامّ يقارن تلك الجزئيّات حسب ما نشير إليه إن شاء الله.
والظاهر : أنّ القائل باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاصّ إنّما يعني به أحد الوجهين المذكورين ، إذ لا يعقل القول بدلالة الأمر على النهي عن خصوص كلّ من الاضداد الخاصّة بعنوانه الخاصّ به.
قوله : (وأمّا العامّ فقد يطلق ... الخ).
يمكن أن يلحظ الأضداد الوجوديّة حينئذ على كلّ من الوجهين المتقدّمين فتكون خصوصيّة الضدّ الخاصّ ملحوظة في أحدها على أحد ذينك الوجهين غير ملحوظة في الآخر على حسب ما مرّ ، وعلى كلّ منهما فأحد الأضداد إمّا أن يلحظ على وجه يعتبر فيه الوحدة فيكون المنهيّ عنه هو واحد منها دون ما يزيد عليه وإمّا أن يلحظ على وجه اللاشتراط فيكون النهي عن أحدها نهيا عن جميع آحادها فيكون بمنزلة النكرة في سياق النفي ، وعلى جميع التقادير فليس المنهيّ عنه إلّا الضدّ الخاصّ إلّا أنّه مع دلالته على الاستغراق يكون المنهيّ عنه جميع الأضداد الخاصّة ومع عدمها يكون ضدّا خاصّا لها من غير تعيين وكأنّ المقصود به النهي عن إيقاع ضدّ مكان الواجب أيّ ضدّ كان منها ، فلا يعمّ النهي كلّا من ضدّي المأمور به لو أمكن الإتيان بهما في زمان واحد وإنّما المحرّم واحد منهما.
قوله : (وقد يطلق ويراد به الترك).
هذا هو المعروف في إطلاق الضدّ العامّ وإنّما أطلق عليه الضدّ لعدم إمكان اجتماعه مع المأمور به ولا ينافيه كونه عدميّا ، إذ اعتبار كون الضدّ وجوديّا من اصطلاح أرباب المعقول ولا ربط له بإطلاق علماء الاصول أو اطلق عليه لفظ الضدّ من جهة مقارنته للأضداد الخاصّة فيكون الإطلاق المذكور مجازا من جهة المجاورة.