الأمر إسقاط الوحدة أو التكرار من المستعمل فيه ، واستعمال الأمر في المطلق وإرادة الخصوصيّة الاخرى من القرينة ولا حاجة في تصحيحه إلى ملاحظة علاقة التضادّ ، إذ مع ضعف تلك العلاقة لا مسرح لها في المقام ، على أنّ ذلك على فرض صحّته لا يجري بالنسبة إلى المرّة الملحوظة لا بشرط شيء ، لكونها أعمّ من القيدين المفروضين ، ولا يقضي ذلك أيضا ببطلان القول بالاشتراك.
ومنها : أنّه نصّ أهل اللغة أنّه لا فارق بين «افعل» و «يفعل» إلّا كون الأوّل إنشاء والثاني خبرا ومن البيّن صدق الثاني مع كلّ من الوحدة والتكرار فيكون للأعمّ ، فيكون الأوّل أيضا كذلك ، وإلّا ثبت هناك فرق آخر بينهما. وضعفه أيضا ظاهر ، لعدم ثبوت النقل المذكور وعلى فرض صحّته فلا ينافي القول بوضعه للمرّة اللابشرط ، على أنّه قد يناقش في وضع المضارع للأعمّ مع ما اشتهر من دلالته على التجدّد والحدوث.
ومنها : ما روي عنه صلىاللهعليهوآله : أنّه لمّا قال له سراقة في الحجّ : ألعامنا هذا يا رسول الله أم للأبد؟ فقال صلىاللهعليهوآله : «بل لعامنا هذا ، ولو قلت نعم لوجب» (١) فأفاد صلىاللهعليهوآله أنّ الزيادة تثبت بقوله : «نعم» ولو كان للتكرار لما احتاج إلى ذلك ، ذكر ذلك الشيخ رحمهالله.
وفيه بعد ضعفه : أنّه لا ينهض حجّة للقول بوضعه للطبيعة ، إذ قد يكون للمرّة.
ولو دفع ذلك بسؤال سراقة ـ وهو من أهل اللسان ـ ففيه : أنّه حينئذ تمسّك بحسن الاستفهام ، وقد عرفت ما فيه.
قوله : (لما تكرّر الصوم والصلاة).
كأنّه أراد بذلك أنّه لو لا ذلك لما فهموا التكرار من الأمر بالصوم والصلاة ، وقد فهموه منه قطعا ، فدلّ ذلك على كونه حقيقة فيه ؛ وجوابه الآتي يشير إلى ذلك.
قوله : (إذ لعلّ التكرار ... الخ).
يريد أنّهم لو فهموا التكرار من نفس الأمر أفاد كونها حقيقة فيه ، وإن استندوا فيه إلى القرائن المنضمّة وشواهد الحال فلا ، وحينئذ فالاحتجاج مبنيّ على الوجه
__________________
(١) مشكل الآثار للطحاوي : ج ٢ ص ٢٠٢.