هذا إذا كان إتيانه بالجميع سائغا ، وأمّا إذا لم يكن سائغا فإمّا أن يكون الواجب المفروض عبادة ، أو غيرها ، فإن كان عبادة ولم تفد مشروعيّتها سوى الأمر المفروض ليكون الإتيان بما يزيد على واحد منها بدعة محرّمة ، أو دلّ الدليل على مشروعيّتها مطلقا لكن اريد من الإتيان بالجميع امتثال الأمر المفروض ليندرج في البدعة من تلك الجهة ـ حسب ما عرفت ـ فهل يحكم إذن بصحّة أحدها وفساد الباقي لقيام مقتضى الصحّة بالنسبة إليه دون غيره ، أو أنّه يحكم بفساد الجميع من جهة النهي المتعلّق به على الوجه المذكور القاضي بفساد العبادة ، ولا يمكن قصد التقرّب بشيء منها حينئذ؟ الظاهر الأخير ، سيّما إذا نوى الامتثال بالمجموع. وإن كان من غير العبادات جرى أيضا فيه الوجهان ، واحتمال الصحّة هنا متّجه ، إذ التحريم يتعلّق بالنيّة ، وما يزيد على الواحد من الأفعال المفروضة فلا مانع من أداء الواجب لواحد منها ، وفيه إشكال. وأمّا سقوط الواجب فيما يكون المقصود مجرّد حصول الفعل كإزالة النجاسات فممّا لا ينبغي الريب فيه.
رابعها : أنّه هل يتعيّن الواجب التخييري بالشروع في أحدهما وجهان :
أحدهما : أنّه لا يتعيّن ذلك ، بل التخيير على حاله حتّى يسقط التكليف المفروض ، فلو شرع في أحدهما جاز له العدول إلى الآخر استصحابا لما ثبت إلى أن يسقط التكليف بأدائه.
ثانيهما : التعيين بذلك ، حيث إنّه مخيّر في اختيار أيّهما شاء ، فإذا اختار أحدهما زال التخيير ، ولأنّ جواز العدول بعد الشروع في الفعل يتوقّف على قيام الدليل عليه ، ولا دليل عليه في المقام.
ويرد على الأوّل : أنّه كان مخيّرا في الإتيان بأيّهما شاء فما لم يأت فالتخيير على حاله، كما هو ظاهر اللفظ ولو سلّم احتماله ودوران الحال فيه بين الوجهين فاستصحاب بقاء التخيير الثابت قاض بالأوّل.
وعلى الثاني : أنّ ما عرفت من الدليل كاف في الدلالة على الجواز.