المشتمل على الزيادة دفعيّا اتّصف الكلّ بالوجوب لأداء الواجب به ولقضاء ظاهر الأمر بوجوبه ، وإن كان حصول الناقص قبل حصول الزائد أو حصول الناقص بالوجوب لا غير(١) لأداء الواجب به فيسقط الوجوب ، وحينئذ فإن صرّح الآمر بالتخيير بين الأقلّ والأكثر اتّصف الزيادة بالاستحباب ، نظرا إلى مطلوبيّة الزائد في الجملة وجواز ترك الزيادة لا إلى بدل.
وأمّا التخيير (٢) العقلي فيسقط الوجوب بالأوّل وتبقى مشروعيّة الزيادة متوقّفة على قيام الدليل عليه ، ففي الحقيقة لا تخيير حينئذ عند التأمّل ، وبذلك يظهر الفرق بين التخيير العقلي والشرعي.
ويمكن المناقشة في ذلك : بأنّ الأمر المتعلّق بالزائد والناقص على جهة التخيير أمر واحد مستعمل في الوجوب ، فمن أين يجيء الحكم باستحباب الزائد في الصورة المذكورة؟ ولو سلّم استعماله في الوجوب والندب ـ نظرا إلى أنّ القدر الّذي يمنع من تركه هو الأقلّ فيكون الزائد مستحبّا ـ لم يكن هناك فرق بين حصول الناقص قبل حصول الزيادة وحصول الزائد دفعة ، والتفصيل في استعماله في الوجوب وفي الوجوب والندب بين الوجهين المذكورين تعسّف بيّن لا وجه لالتزامه.
وقد يقال : إنّ تعلّق الأمر به على الوجه المذكور محمول على الوجوب إلّا فيما لا يمكن حمله عليه ، وهو فيما إذا كان حصول الناقص قبل الزيادة ، لقضاء التخيير بحصول الواجب حينئذ بالأقلّ ، فمع رجحان الزيادة يتّصف الزائد لا محالة بالاستحباب ، لجواز تركه حينئذ لا إلى بدل.
وفيه : أنّه اذا لم يتعلّق بالزيادة تكليف مستقلّ كيف يعقل اتّصافها بالاستحباب؟ وقضيّة ورود التخيير في الواجب بين الأقلّ والأكثر قيام الوجوب بكلّ منهما ، فإن كان الصادر منه في الخارج هو الأقلّ قام الوجوب به ، وإن كان
__________________
(١) في (ف ونسخة من ط) : قبل الزيادة ، فالمتّصف بالوجوب هو الناقص لا غير.
(٢) في (ف) : وأمّا في التخيير.