قوله : (مختصّ بأوّل الوقت).
فسّره بعضهم بالجزء الأوّل الّذي يساوي الفعل ، وقد عرفت ما فيه من الإشكال ، إلّا أن يكون المراد المساواة العرفيّة كما أشرنا إليه. أو يقال : إنّه لمّا لم يكن مانع من التأخير نظرا إلى انتفاء العقوبة فيه جاز التحديد على الوجه المذكور ، وفيه تأمّل.
وقد حكي القول المذكور أيضا عن جماعة من الأشاعرة وبعض الحنفيّة وقوم من الشافعيّة.
ثمّ إنّ قضيّة القول المذكور صيرورة الفعل قضاء بالتأخير. وقد حكاه في النهاية صريحا عن القائل بهذا القول ، والظاهر أنّهم لا يقولون إذن بثبوت العقاب ، وإلّا لم يكن فرق بين الوقت المفروض وغيره ، مع أنّ الظاهر قيام الإجماع من الكلّ على الفرق كما أنّه قضيّة النصّ.
قوله : (ليكون نفلا يسقط به الفرض).
حكاه في النهاية عن جماعة من الحنفيّة ، ونصّ في المختلف بأنّه لا يعرف به قائلا من أصحابنا كما سيصرّح به المصنّف ، وعلى هذا القول يكون إسقاطه الفرض مراعى ببقائه على صفات التكليف في الآخر ، فلو لم يبق على صفات التكليف لم يتعلّق الوجوب به أصلا حتّى يسقط الفرض بما فعله في الأوّل.
قوله : (واذا فعل في الأوّل وقع مراعى ... الخ).
اورد عليه : بأنّ ما حكم به أوّلا من اختصاص الوجوب بالآخر لا يلائم وقوع الفعل في الأوّل مراعى ، إذ قضيّة ذلك وجوب الفعل الواقع أوّلا إذا استجمع في الآخر شرائط التكليف فلا يختصّ الوجوب بالآخر.
وقد يجاب عنه بوجوه :
أحدها : أنّ مراده باختصاص الوجوب بالآخر أنّ استحقاقه العقاب بالترك إنّما هو بالنسبة إلى الآخر ، لوضوح عدم ترتّب العقاب على مجرّد الترك في الأوّل والوسط.