ويوهنه : أنّ ذلك تعليل لاختصاص الوجوب بالآخر ، فهو إنّما يوافق المذهب السابق من كون الفعل الواقع أوّلا نفلا يسقط به الفرض دون هذا القول ، فلا يتمّ به الجمع بين الحكمين المذكورين في كلامه ليندفع به التدافع الملحوظ في الإيراد.
ويمكن أن يقال : إنّ المقصود في الجواب أنّ مطلق الوجوب لا يستلزم استحقاق العقاب بالترك مطلقا ، وإنّما يتفرّع استحقاق العقاب فعلا على ترك بعض أفراده ، فأراد باختصاص الوجوب بالآخر هو الوجوب الّذي يتفرّع عليه استحقاق العقاب بالترك مطلقا على ما هو الشائع في تفسيره ، ووجوبه في الأوّل مع استجماعه لشرائط التكليف في الآخر هو الوجوب على ما يقتضيه التحقيق في تفسيره.
ولا يخفى ما فيه من التعسّف ، مضافا إلى فساده في نفسه ، فإنّ نسبة استحقاق العقاب إلى الترك في الأوّل والآخر على نحو واحد ، فإنّ الترك في الآخر مع الفعل في الأوّل لا يقضي باستحقاق العقاب ، كما أنّ الترك في الأوّل مع الفعل في الآخر لا يقتضيه ، ولو حصل الترك فيهما كان نسبة الذمّ واستحقاق العقاب إليهما على نحو سواء.
ثانيها : أنّه إنّما يقول باختصاص الوجوب بالآخر مع عدم الإتيان به في الأوّل إذا بقي على صفة التكليف في الآخر.
وأنت خبير بوهنه أيضا ، إذ لا يستفاد ذلك من كلام القائل المذكور أصلا ، بل قضيّة كلامه كون إدراكه الوقت الآخر مجامعا لشرائط التكليف كاشفا عن وجوبه في الأوّل كيف ولو لا ذلك لما كان الفعل الصادر منه حينئذ واجبا ، وقد نصّ على انكشاف وجوبه بإدراك آخر الوقت كذلك. ومن البيّن أيضا أنّه لا دخل لإتيان المكلّف بالفعل وعدمه في وجوبه وعدم وجوبه.
ثالثها : أنّه لمّا كان البقاء إلى الآخر كاشفا عنده عن وجوبه في الأوّل عبّر عن ذلك بكون الوجوب مختصّا بالآخر تجوّزا حيث إنّه يحقّقه ، وهذا الوجه وإن كان بعيدا عن ظاهر اللفظ إلّا أنّه لا مناص عن الحمل عليه في مقام الجمع. هذا إذا