صرّح القائل المذكور باختصاص الوجوب بالآخر حسب ما حكاه المصنّف موافقا لما في الإحكام.
وأمّا ما ذكره العلّامة في النهاية فهو خال عن ذلك. قال عند ذكر قول الكرخي على ما هو المشهور عنه : إنّ الصلاة المفعولة في أوّل الوقت موقوفة ، فإن أدرك المصلّي آخر الوقت وهو على صفة المكلّفين كان ما فعله واجبا ، وإن لم يبق على صفات المكلّفين كان نفلا ، وهذا كما ترى لا إشارة فيه إلى اختصاص الوجوب بالآخر ، وقد حكاه عنه كذلك في التهذيب ومنية اللبيب وغيرهما من غير إشارة إلى حكمه باختصاص الوجوب بالآخر ، بل جعلوه مقابلا للقول بالاختصاص بالآخر.
وعزى الغزالي في المستصفى القول به كذلك إلى قوم ، وكان هناك اضطرابا في تعبيره قد قضى باضطراب النقل عنه ، كما يستفاد من العدّة عند نقل قوله ، حيث أسند إليه اختصاص الوجوب بالآخر وكون فعله في الأوّل نفلا ، قال : وربّما نمّاه موقوفا على أن يأتي عليه الوقت الآخر وهو على الصفة الّتي يجب عليه معها فعل الصلاة ويخرج الوقت ، فيحكم بالوجوب ، ومع تسميته نفلا يكون قد أجزأت عن الواجب.
وما حكاه عنه أخيرا هو القول الّذي ذكره المصنّف هنا ، ويمكن حمله على إرادة الأوّل ، فإنّه لمّا كان ممّا يسقط به الفرض سمّاه واجبا ، نظرا إلى قيامه مقامه ، فيحصل بذلك الجمع بين كلاميه ، ولا يساعده حكاية المصنّف ، إذ لا يصحّ حينئذ عدّه قولا آخر إلّا أن يكون القول المنقول هنا لغيره.
وكيف كان فمع البناء على وقوع الفعل مراعى في الأوّل لا يكون القول المذكور إنكارا للواجب الموسّع ، ضرورة كون الفعل حينئذ واجبا في تمام الوقت إذا أدرك آخر الوقت مستجمعا للشرائط ، وإلّا لم يكن واجبا بالنسبة إليه ، وكان الحامل له على ذلك شبهة اخرى غير الشبهة المذكورة في الواجب الموسّع ، وهي : أنّه لو خرج عن صفات المكلّفين فجأة بعد دخول الوقت لم يتحقّق عصيان