الوجهين فيه ـ تمّ ما ذكره ، وأمّا إن جعله تكاليف شتّى على حسب التكرار الحاصل فيه فما ذكره ممنوع ، لحصول الامتثال على القول به أيضا.
ويدفعه : أنّ القائل بالتكرار وإن قال بحصول الامتثال حينئذ إلّا أنّه لا يقول بفراغ ذمّة المكلّف وأداء التكليف به ، فمقصود المستدلّ من حصول الامتثال امتثاله بأداء ما هو الواجب عليه القاضي بسقوط التكليف به ، ولا يتمّ ذلك على القول بالتكرار مطلقا.
فالحقّ في الجواب : أنّه إن أراد بذلك عدّه ممتثلا بأداء خصوص المرّة فهو ممنوع ، وإن أراد به عدّه ممتثلا عند الإتيان به مرّة فمسلّم ، وهو إنّما يدفع القول بالتكرار ، ولا يثبت به الوضع للمرّة ، لإمكان الوضع للأعمّ ـ أعني مطلق طلب الطبيعة ـ فيتحقّق الامتثال بالمرّة من جهة حصولها به ، كما سيشير إليه المصنّف.
قوله : (ولا ريب في شهادة العرف بأنه لو أتى ... الخ).
لا يخفى أنّه لا حاجة في دفع الاحتجاج إلى هذه الضميمة لاندفاعه بمجرّد قيام الاحتمال المذكور حسب ما قرّرنا ، وإنّما ذكره المصنّف لتكميل الإيراد وبيان كون الامتثال بحصول الطبيعة دون خصوص المرّة فيكون شاهدا على مقصوده.
وقد عرفت تفصيل الكلام فيما فيه من النقض والإبرام ، فلا حاجة إلى إعادته.
وقد يقال : إنّ مقصوده بذلك صدق الامتثال بالفعل الأوّل مع الإتيان به ثانية وثالثة ، ولو كان للمرّة لما حصل الامتثال به ، لانتفاء صدق المرّة مع التكرار ، وهذا الوجه بعيد عن كلامه ، إذ سياق عبارته صريح في كون الثاني والثالث أيضا محققّا للامتثال إلّا أنّ ما ذكره واضح لا مجال لإنكاره ؛ غير أنّه لا يتمّ إلّا على اعتبار المرّة بشرط لا على الوجه الأوّل، وهو أضعف الوجوه في المرّة وأمّا على سائر الوجوه فيها فلا يتمّ ذلك أصلا.
وقد يحتجّ للقول بالمرّة أيضا بوجوه اخر موهونة :
منها : أنّ الأمر كسائر المشتقات من الماضي والمضارع واسم الفاعل والمفعول وغيرها ، ولا دلالة في شيء منها على الدوام والتكرار فكذا الأمر.