بالاتّفاق عليه جماعة ، منهم الفاضل الجواد ، والفاضل الصالح ، والآمدي ، والحاجبي ، واحتجّ عليه بعد الاتّفاق عليه حسب ما ذكر بامور :
الأوّل : أنّه لو لا ذلك لزم خروج الواجب عن كونه واجبا ، إذ مع جواز التأخير حينئذ يلزم جواز ترك الواجب في الغالب ، وهو ما ذكر من اللازم.
وفيه : أنّه إنّما يلزم خروج الواجب عن الوجوب لو جاز تركه مطلقا ، ومن البيّن خلافه ، لعدم جواز تركه على تقدير القطع بالفوات ، وفي صورة تضيّق الوقت ، وذلك كاف في حصول معنى الوجوب والفرق بينه وبين الندب ، لما عرفت من أنّ الواجب ما لا يجوز تركه في الجملة.
الثاني : أنّ التكليف بالفروع دائر مدار الظنّ ، فإنّ المرء متعبّد بظنّه ، فيكون الظنّ في المقام قائما مقام العلم.
وفيه منع حجّية الظنّ في الفروع مطلقا ، سيّما في المقام حيث إنّه من قبيل الموضوع الصرف ، وما ورد من أنّ المرء متعبّد بظنّه لم يثبت وروده عن صاحب الشريعة ، فلا وجه للاتّكال عليه.
الثالث : أنّه مع ظنّ الفوات بالتأخير لا يمكن أن يتحقّق منه العزم على الفعل في الآخر ، فإذا ترك الفعل حينئذ كان تاركا للفعل والعزم معا فيكون عاصيا ، فيتعيّن عليه الإتيان بالفعل.
وفيه بعد تسليم امتناع حصول العزم منه حينئذ : أنّه مبنيّ على القول ببدليّة العزم ، وهو ضعيف حسب ما مرّ.
الرابع : أنّا نجد حكم العقل حينئذ حكما قطعيّا بعدم جواز التأخير ووجوب المبادرة إلى الفعل ، فيجب الأخذ به.
وفيه : أنّه ليس ذلك من الفطريّات ، ولا من الوجدانيّات ونحوهما حتّى يدّعى الضرورة فيه ، فلا بدّ من بيان الوجه في قطع العقل به حتّى ينظر فيه.
قلت : ويمكن الاحتجاج عليه بوجهين :
أحدهما : أنّ ذلك قضيّة وجوب الامتثال بحسب العرف ، فإنّ وجوب الفعل