على المكلّف وإلزام المكلّف إيّاه قاض عرفا بتعيّن الإتيان به حينئذ ، وإلّا عدّ عاصيا مخالفا للأمر مع التأخير وحصول الترك ، بل متهاونا في أداء مطلوب الآمر ، معرّضا نفسه للمخالفة ولو مع خطاء ظنّه ، ألا ترى أنّه لو أمر المولى عبده بشراء اللحم كذلك واتّفق أنّه ظنّ العبد فوات الشراء مع التأخير فتعمّد التأخير فلم يتمكّن من الإتيان به عدّ عاصيا مفوّتا لمطلوب مولاه؟!
ثانيهما : أنّه مع وجوب الفعل وإلزام الشارع إيّاه وعدم إذنه في الترك لاشتماله على المصلحة الّتي لا يجوز للمكلّف تفويتها يحكم العقل بتعيّن الإتيان به حينئذ ، احتياطا لتحصيل المطلوب بعد العلم باشتغال الذمّة به ، ودفعا للضرر المظنون بسبب التأخير.
وكما أنّ اليقين بالاشتغال يستدعي تحصيل اليقين بالفراغ وأداء ما يعلم معه بتفريغ الذمّة كذا يقضي بتحصيل اليقين بالخروج عن عهدة ذلك التكليف ، وعدم حصول الترك له ، ولا يكون ذلك إلّا بالإتيان به عند ذلك وعدم تأخيره عنه.
بل قد يشكل جواز التأخير في صورة الشكّ في الأداء مع التأخير ، كما سنشير إليه ، إذ قضيّة ما ذكرناه مراعاة الاحتياط في التعجيل عند حصول التردّد ، إلّا أن يقوم دليل قاطع لعذر المكلّف يفيد جواز التأخير حينئذ ، كما قام الدليل عليه في صورة ظنّ البقاء.
والحاصل : أنّ الإذن المستفاد من الشارع في التأخير لا يعمّ صورة ظنّ الفوات ، وكذا حكم العقل بجواز التأخير للفعل. وقضيّة حكم العقل بملاحظة ثانيهما هو لزوم التعجيل ، ولا فرق حينئذ بين الواجبات الموسّعة الموقّتة وغيرها من الموسّعات المطلقة ، بل الحال في الأخيرة أظهر. والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه في المقامين ، ولو كان ظنّ الفوات بسبب ظنّه تضيّق الوقت وفواته مع التأخير ، فالظاهر وجوب التعجيل حينئذ أيضا لعين ما ذكر. ويحتمل عدمه استصحابا لبقاء الوقت ، سيّما إذا لم يمكن استعلام الحال لظهور الفوات مع التأخير ، ولو أخّر حينئذ فلم يعلم فوات الوقت بنى على الأداء ، لما ذكر من الاستصحاب، فلا عبرة بالظنّ