رابعها : لو ظنّ السلامة فأخّر الفعل ثمّ مات فجأة في أثناء الوقت ، أو طرأه مانع بغتة فلم يتمكّن من الفعل في باقي الوقت فهل يكون عاصيا بترك الفعل ، أو لا عصيان في شأنه؟
التحقيق : الثاني ، إذ المفروض جواز التأخير شرعا ، كما هو مفاد توسعة الوقت ، فإذا كان جائزا وتفرّع عليه ترك الفعل لم يعقل منه صدور العصيان ، ولم تصحّ عقوبته عليه ، إذ لا عقاب على الجائز.
وقد يورد عليه : بأنّ الجائز شرعا هو التأخير والإتيان بالفعل في الوقت الأخير دون الترك ، وحيث كان المظنون هو الإتيان به فيما بعد الأوّل جوّز الشارع له التأخير والإتيان بعد ذلك. وليس المجوّز له شرعا ترك الفعل ، وإلّا لخرج الواجب عن الوجوب.
ومحصّل ذلك : أنّ المجوّز هو التأخير بشرط سلامة العاقبة ، فلا جواز مع عدمها.
واورد عليه : بأنّ سلامة العاقبة ممّا لا يمكن العلم بها ، فلو كانت شرطا في المقام لأدّى إلى التكليف بالمحال ، لإحالة التأخير حينئذ على أمر مجهول يمتنع العلم به.
ودفع ذلك : بأنّه إنّما يلزم التكليف بالمحال لو كان التأخير واجبا ، أمّا لو كان جائزا فلا ، لجواز التقديم أيضا ، فيكون المكلّف به هو القدر الجامع بين الأمرين من التقديم والتأخير المشروط بالشرط المحال ، ولا استحالة فيه ، إذ القدر الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور.
واجيب عنه : بأنّ الواجب حينئذ هو التقديم ، إذ يتعيّن عليه في مقام الامتثال اختيار المقدور ، فلا يجوز له التأخير عن أوّل الأزمنة ، فيكون واجبا مضيّقا لا موسّعا هذا خلف. وأيضا يكون الحكم بجواز التأخير حينئذ لغوا غير جائز على الحكيم ، نظرا إلى عدم إمكانه ، لتوقّفه على الشرط المحال.
ويمكن أن يقال : إنّ توقّف التأخير على سلامة العاقبة لا يقضي بتوقّفه على