والحاصل : أنّ المناط في كون الدلالة اقتضاء هو ما ذكرناه ، من غير فرق بين كون مدلوله لفظا مضمرا أو معنى مرادا ، حقيقيّا كان أو مجازيّا.
والثاني دلالة التنبيه والإيماء ، وذلك إنّما يكون بدلالة الكلام ولو بانضمام ما يقترن به من القرينة اللفظيّة أو الحاليّة ما يقطع معه بإرادة ذلك اللازم أو يستبعد خلافه من غير أن يتوقّف صدق أصل الكلام ولا صحّته على ذلك.
فمن ذلك : ما إذا اريد من بيان الملزوم إفادة وجود لازمه ، كما إذا قيل : «طلع الشمس» عند بيان وجود النهار.
ومن ذلك ما إذا كان مقصودة من الحكم بيان لازمه ، كما إذا قيل : «مات زيد» واريد بيان علمه بموته.
ومن ذلك : ما إذا اقترن الكلام بشيء يفيد كونه علّة للحكم ، كما مرّ من المثال ، وكقوله بعد السؤال عن جواز بيع الرطب بالتمر : «أينقص إذا جفّ» قال : نعم ، قال : لا يجوز ، لدلالته على أنّ العلّة في المنع هو النقصان بالجفاف.
ومنه إذا قيل : جاء زيد فقلت : ظهر الفساد في البلد ، لدلالته على أنّ مجيء زيد سبب للفساد. ومنه : ما إذا علّق الحكم على الوصف لدلالته ولو بضميمة المقام على كون الوصف سببا لترتّب الحكم ، ويجري ذلك في استفادة غير السببيّة من سائر الأحكام ، كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة ، كما يظهر ذلك بملاحظة الأمثلة ، إلى غير ذلك من الامور الّتي يراد إفادتها من الكلام ولو بضميمة المقام ، كإفادة العداوة بين الشخصين ، أو المودّة بينهما ، كما إذا قيل : إن مات زيد فرح عمرو أو حزن بكر ، أو قيل عند حضور موت زيد : اليوم يفرح عمرو أو يحزن خالد.
وقد يفيد الاقتران غير الحكم من تعيين بعض المتعلّقات ، كما إذا قلت : «رأيت زيدا» أو «أكرمت» فإنّ ظاهر المقارنة يفيد كون المكرم زيدا من غير أن يتوقّف صدق الكلام أو صحّته عليه ، والظاهر إدراج الكناية في القسم المذكور إن كان المعنى الحقيقي مقصودا بالإفادة أيضا ، لاندراجها إذا في الحقيقة الاصوليّة لاستعمال اللفظ حينئذ في معناه الموضوع له. وإن اريد بعد ذلك الانتقال منه إلى