غلبة تلك الإرادة فيها وقلّتها في غيرها. وقد ذهب بعض أئمّة العربيّة إلى القول بإضمار «أن» قبلها. ويؤيّد ما قلناه الفرق في إفادتها ذلك بين الوقوع في صدر الكلام وغيره ، كما في قولك : «من جاءك فأكرمه» و «أكرم من جاءك» وكذا «كلّما جاءك زيد فأكرمه» و «أكرم زيدا كلّما جاءك». وكيف كان فالمدار في المقام على فهم التعليق والاشتراط ، لا على وضع اللفظ له.
غاية الأمر أنّ ما وضع اللفظ بإزائه يحمل عليه إلى أن يجيء قرينة على خلافه ، وما يستفاد منه التعليق لأمر آخر يتبع حصول ذلك الأمر ، ويختلف الحال في تلك الإفادة ظهورا وخفاء من جهة اختلاف المقامات وظهور القرينة وخفائها ، كما هو معلوم من ملاحظة الاستعمالات ، ومن ذلك : الوقوع في جواب الأمر كما في قولك : «أكرم زيدا اكرمك». وقد مرّ استناد الإمام عليهالسلام إلى المفهوم المستفاد من ذلك في الآية الشريفة.
هذا ، وقد يوهم بعض تعبيراتهم في المقام اختصاص الحكم بالتعليق بكلمة «إن» بخصوصها ، حيث قرّروا المسألة في خصوص التعليق بها ، كما في المحصول وفي التهذيب والزبدة وغيرها ، وليس كذلك ، بل إنّما عبّروا بذلك على سبيل التمثيل ، حيث إنّ كلمة «إن» هي الشائعة في التعليق ، كيف! وما ذكروه من الدليل يعمّ الجميع ، وقد نصّ جماعة من علماء الأصول أيضا على التعميم ، وفهم العرف حاصل في الجميع ، وهو ظاهر.
ثانيها : أنّ دلالة المفهوم في المقام هل هي من قبيل التضمّن أو الالتزام ، أو أنّها دلالة عقليّة غير مندرجة في الدلالة اللفظيّة؟ أقوال : أوسطها أوسطها ، والمختار عند بعض أفاضل المحقّقين هو الأوّل ، والمعزى إلى أكثر أصحابنا المتأخّرين هو الثالث. لنا : أنّ مفاد الاشتراط تعليق الحكم بالشرط وارتباطه وإناطته به بحيث يفيد توقّفه عليه كما مرّ بيانه ، ومن البيّن أنّ توقّف الشيء على الشيء لا يعقل إلّا مع انتفائه انتفاؤه (١) فمدلول المنطوق هو الحكم بالوجود عند الوجود على سبيل
__________________
(١) في (ق) : مع انتفائه بانتفائه.