نعم ، لا شكّ في استفادة الخروج من أمثال قوله تعالى : (حَتَّى يَطْهُرْنَ)(١) و (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ)(٢) و (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ)(٣) و (حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)(٤) و (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)(٥) و (حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا)(٦) و (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ)(٧)(حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٨) ... إلى غير ذلك ، فلا تغفل.
وجملة القول في المسألة : أنّ المحكيّ عن الأكثر في كلام جماعة منهم خروج حدّي الابتداء والانتهاء عن المحدود بهما ، وعزاه التفتازاني في الثاني إلى أكثر النحويّين ، حتّى قال : إنّ القول بالدخول مطلقا شاذّ لا يعرف قائله. ونسبه الشهيد الثاني إلى أكثر المحقّقين. وفي المغني : أنّه الصحيح. وقال نجم الأئمّة : إنّ الأكثر عدم دخول حدّي الابتداء والانتهاء في المحدود ، فإذا قلت : «اشتريت من هذا الموضع إلى هذا الموضع» فالموضعان لا يدخلان. ثمّ ذكر بعد الأقوال : إنّ المذهب هو الأوّل. وعلّله في المغني أيضا بأنّ الأكثر مع القرينة عدم الدخول.
وقيل بدخولهما جميعا حكاه جماعة. وربّما يقال بدخول الأوّل دون الثاني.
وفصّل غير واحد منهم بين المجانس وغيره ، فإن كانا من جنس المغيّا حكم بدخولهما فيه ، كما صرّح به الشهيد في الذكرى حيث قال بدخول الحدّ المجانس في الابتداء [والانتهاء](٩) ، مثل : بعت الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف. وعزاه جماعة في الثاني إلى المبرّد ، وحكاه ابن هشام ونجم الأئمّة قولا. وفصّل آخرون بين ما إذا كان أحدهما منفصلا عن المغيّا بمفصّل محسوس فيخرج عن الحكم ، وما إذا لم يكن كذلك فيدخل ، قاله السيوري في التنقيح فيهما معا ، وبه صرّح الشهيد الثاني في الانتهاء ، وعليه يحمل كلام العلّامة في غير موضع من كتبه ، والرازي كما يأتي إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) البقرة : ٢٢٢.
(٢) التوبة : ٢٩.
(٣) البقرة : ٢٣٠.
(٤) الحجرات : ٩.
(٥) طه : ٩١.
(٦) الأنعام : ٣٤.
(٧) الأعراف : ٤٠.
(٨) القدر : ٥.
(٩) أضفناه من الذكرى.