وأمّا بالمعنى الرابع فيظهر وجهه من الرجوع إلى التبادر وعدم صحّة السلب ، ونحوهما من أمارات الحقيقة والمجاز ، فإذا تعذّر المعنى الحقيقي ـ كما في أكثر الموارد ـ لزم التوقّف عن الحكم بالدخول ، فالأصل عدمه. إلّا مع القرينة ، ومنها اختلاف الجنس ووجود المفصّل فيحكم بالخروج ، وجريان العادة في حدّ الابتداء فيحكم بالدخول. وقد تقدّم أنّ ذلك هو القدر المتيقّن من قول الأكثر بالخروج ، وهو الأقوى.
وهذا تمام الكلام في نفس الغاية وما يقابلها من البداية. وأمّا ما خرج عن الحدّين فهو موضوع الخلاف في مفهوم الغاية ، ومحصّله : أنّ التقييد بهما هل يدلّ على أنّ الخارج عن محلّ النطق مخالف له في الحكم بحيث يكون الكلام دالّا على أمرين إيجابي وسلبي ، فإن كان الحكم المنطوق به إيجابا كان المفهوم سلبا ، وبالعكس ، أو أنّه لا يدلّ إلّا على الأوّل فهو بالنسبة إلى غيره كالساكت من غير أن يدلّ فيه على إثبات أو نفي ، ولا فرق فيه بين القول بدخول الغاية في المغيّا وخروجها عنه ، إلّا أنّه على الأوّل يخرج نفس الغاية عن محلّ المسألة ، وعلى الثاني يندرج فيه ، ففي تلك المسألة تحقيق لبعض الموضوع في هذه المسألة ، ولا فرق في محلّ المسألة بين الإخبار والإنشاء كما في سائر المفاهيم ، فمحلّ الكلام في الخبر أنّ الإخبار بحصول شيء إلى غاية معيّنة هل يدلّ على الإخبار بانتفائه فيما بعدها ، أو لا؟ ومنه : الأخبار المشتملة على الأحكام الشرعيّة ، وفي الإنشاء كالأمر والنهي أنّ الطلب المقيّد بالغاية كما ينتهي إليها وينتفي عندها هل يدلّ على نفي مطلوبيّة ما بعدها حتّى يكون دليلا اجتهاديّا على النفي ، أو لا؟ فالكلام هنا في الدلالة على انتفاء نوع ذلك الطلب فيما بعد الغاية على حسب ما عرفت توضيح القول فيه في مفهوم الشرط.
وأمّا انتفاء ذلك الطلب المخصوص فذلك أمر معلوم لا يختلف الحال فيه بين إثبات المفهوم أو نفيه ، ولا يقبل النزاع فيه والتشاجر عليه كما في سائر القيود الواقعة في الخطاب.