في ملاحظته قيدا للحدث ، ضرورة أنّه لا يتصوّر طلب إيجاد الشيء إلّا في المستقبل ، فلا فائدة أيضا في ذلك ، فإن دفع ذلك بالفرق بين كون الشيء مدلولا التزاميّا أو وضعيّا فهو جار في الأوّل أيضا ، وإن قيل بأخذ الزمان فيه حينئذ من جهة اطّراد الحال في الأفعال فهو جار فيه أيضا ، مع أولويّة ذلك بعدم خروجه عن القانون المقرّر في سائر الأفعال.
إذا تقرّر ذلك فقد تبيّن لك أنّ الزمان المأخوذ في الأمر إنّما هو زمان الحال على الوجه المذكور ، وهو مقصود علماء العربيّة من وضعه للحال ، وذلك لا ربط له بزمان صدور الحدث عن المخاطب ، إذ قد عرفت أنّ الطلب المأخوذ في الأمر معنى حرفي نسبي آلة لملاحظة نسبة معناه الحدثي إلى فاعله ، فمفاد النسبة في «إضرب» كون الضرب منسوبا إلى المخاطب من حيث كونه مطلوبا منه في الحال ، فهو ظرف للنسبة المأخوذة كما هو الحال في الماضي والمستقبل من الأفعال وأمّا كون صدور ذلك الحدث عن المخاطب في أيّ وقت من الأوقات فهو ممّا لا دلالة في الأمر عليه وضعا أصلا ، ولا يقتضي عدم دلالته عليه نقصا في معناه الفعلي بوجه من الوجوه.
نعم إن ثبت أخذ الواضع لذلك أو لشيء من خصوصيّاته من الفور أو التراخي في الوضع كان ذلك متّبعا وإن لم يثبت ذلك كما هو الظاهر ويقتضيه التبادر وكلام علماء العربيّة فلا وجه للالتزام به.
فظهر بذلك اندفاع الإيرادات المذكورة من أصلها ، كما لا يخفى على المتأمّل فيما قرّرنا.
ثمّ إنّه قد يحتجّ لكون الأمر للطبيعة في المقام بغير ما ذكر من الوجوه المذكورة في المسألة المتقدّمة وإجرائها في المقام ظاهر ، فلا حاجة إلى التكرار وقد أشار إلى عدّة منها هنا في النهاية.
قوله : (انّما يفهم ذلك بالقرينة).
يمكن أن يقال : إنّ وجود القرينة على فرض تسليمه إنّما يدفع الاستدلال إذا