وغير ذلك. ويشهد به النقل ، والاستعمال ، والتبادر العرفي ، وفهم التأكيد من إتباعه بالحصر ، وحسن التكذيب بدونه ، وقبح الاستفهام عنه. ولا ينافيه إفادة التأكيد ، فقد يكون في الكلام ما يفيد الحصر من دون ضمير الفصل ، فيكون الضمير تأكيدا له ، كما في جملة من الأمثلة المذكورة.
فما يظهر من الكشّاف من حصر مجيئه للتأكيد فيما إذا كان التخصيص حاصلا بدونه لا منافاة فيه لإرادة الحصر ، بل يؤكّده.
وقد يعرف المبتدأ بحيث يفيد قصر المسند إليه على المسند على ما عرفت ، كما تقول : الكرم هو التقوى ، والحسب هو المال. ومن هنا قد يشتبه الأمر ، فيقال بدلالة ضمير الفصل على ذلك أيضا ، مع تصريح جماعة من أهل الفنّ باختصاص دلالته على الحصر بقصر المسند على المسند إليه. وأمّا العكس فلا ربط للضمير بإفادته فيكون للتأكيد.
وهل يجري الحكم في الضمير الواقع بين الخبرين إذا كان للمبتدأ خبران معرّفان باللام ، أو بين الحال وصاحبها وما أشبه ذلك من المقامات؟ يحتمل ذلك ، كما ذكره بعض أئمّة النحو. وتفصيل الكلام في ذلك وفي شرطه يطلب من مظانّه.
ومنها : عدّة من الحروف الّتي قد تستعمل فيما يفيد الحصر مثل «بل و «لكن» وغيرهما ، وتفصيل القول فيه أيضا يطلب من مظانّه.
ومنها : كلمة «إنّما» بالكسر ، وألحق بها الزمخشري «أنّما» بالفتح ، ووافقه عليه آخرون ، وإن قيل : إنّه ممّا انفرد به لكن لم يثبت ، فالأصل أن تكون مركّبة من «أن» و «ما» زيادة في التأكيد لثبوت الوضع في المفرد وعدم ثبوته في المركّب. وأمّا «إنّما» فإنّها موضوعة للحصر ، لتبادره منها ، وشيوع استعمالها فيه في الكتاب والسنّة ، وكلمات الفصحاء ، وأشعار العرب ، ونصّ أئمّة اللغة والنحو والتفسير والاصول عليه. وعن الأزهري نسبته إلى أهل اللغة. وعن ظاهر السكّاكي والكاتبي وغيرهما إجماع النحاة عليه. وحكى التفتازاني نقله عن أئمّة النحو والتفسير. وفي المجمع : ولم يظفر بمخالف لذلك ، قال : واستعمال أهل العربيّة والشعراء والفصحاء إيّاها بذلك يؤيّده.