فنقول : إذا صدر من الآمر توقيت الفعل بزمان مخصوص ، فإمّا أن يتعلّق الأمر بالفعل مقيّدا بالزمان المفروض ، أو يتعلّق بالفعل مطلقا ثمّ يأمر بإتيانه في الوقت المعيّن ، وعلى التقديرين فإمّا أن يعلم أنّ المطلوب حصول المقيّد بما هو مقيّد ، أو يعلم كون كلّ من المطلق والخصوصيّة مطلوبا له ، أو لا يعلم شيء من الأمرين ، والحال في الأوّل والثاني ظاهر، وأمّا الثالث فهل الأصل إلحاقه بالصورة الاولى أو الثانية؟ اختلفوا فيه على قولين والمعروف بينهم هو الأوّل ، فقالوا يتوقّف وجوب القضاء على أمر جديد ، وقيل بعدم توقّفه بالمرّة ووجوب القضاء بعد فوات الوقت من جهة الأمر الأوّل.
وبنى العضدي الخلاف في ذلك على أنّ المأمور به في قولنا : صم يوم الجمعة شيئان في الخارج أو شيء واحد ، فالمطلق والخصوصيّة متعدّدان بحسب الوجود الخارجي في الأوّل ومتّحدان على الثاني وإن تعدّدا بحسب المفهوم الذهني ، وعبّر عن كلّ منهما بلفظ وجعل ذلك مبنيّا على الخلاف في كون الجنس والفصل متميّزين بحسب الوجود الخارجي في الأوّل ومتّحدان على الثاني وإن تعدّد بحسب المفهوم الذهني ، وعبّر عن كلّ منهما بلفظ وجعل ذلك مبنيّا على الخلاف في كون الجنس والفصل متميّزين بحسب الوجود الخارجي أو متّحدين ، ومقصوده أنّ اتّحاد المطلق والخصوصيّة بحسب الوجود مع تعلّق التكليف بالمقيّد قاض بانتفاء التكليف بالمطلق بعد فوات قيده قطعا ، إذ المفروض انتفاء المأمور به بفوات ذلك قطعا ، وتكليفه بحصّة اخرى من المطلق يتوقّف على أمر جديد فلا يعقل القول بوجوب المطلق حينئذ بالأمر الأوّل ، وأمّا إذا قيل بكونهما شيئين بحسب الوجود بعد تعلّق الوجوب بهما يتّجه القول ببقاء وجوب المطلق بعد فوات القيد استصحابا لوجوبه الثابت حال وجود القيد من غير قيام دليل على ارتفاعه بارتفاعه.
وأورد عليه :
تارة : بأنّ كونهما شيئين في الخارج لا يقتضي كون القضاء بالفرض الأوّل ولا ينافي كونه بأمر جديد ، لاحتمال أن يكون غرض الآمر الإتيان بهما مجتمعا فمع انتفاء أحدهما ينتفي الاجتماع.