ألا ترى أنّه قد يستصحب حياة الغائب مع مخالفة أكثر لوازمها للاصول ، على أنّه ليس الغرض إثبات وجود المطلق في الخارج ليستلزم وجود فصل آخر وإنّما الغرض بقاؤه على المطلوبيّة ، ومن البيّن أنّ خصوصيّة الفصل الآخر لا مدخليّة لها في المطلوبيّة ، فلا يتوقّف على إثبات الخصوصيّة وإن توقّف عليها في الوجود الخارجي.
وقد يوجّه تفريع المسألة على الوجهين المذكورين بقاعدة ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ، فإن قلنا بتمايز المطلق والمقيّد في الخارج أمكن إرجاعه إليها والتمسّك في وجوب المطلق بعد تعذّر القيد بتلك القاعدة وإلّا فلا.
وفيه : أنّ رجوعه إلى ذلك بالتحليل العقلي على فرضه لا يجدي شيئا ، بل المدار على الفهم العرفي كما عرفت ، وسيأتي التنبيه على مدلوله إن شاء الله تعالى.
هذا كلّه فيما إذا تعلّق الأمر بنفس المقيّد بالوقت. أمّا إذا تعلّق بالفعل ثمّ أمر بإتيانه في الوقت المخصوص فإن دلّ الثاني ولو بضميمة القرائن على تقييد الأوّل رجع إلى الأوّل ، وإلّا خرج عن محلّ المسألة ، فيلزم التمسّك بالإطلاق حتّى يثبت التقييد فيدلّ مع عدم ثبوته على تعدّد الطلب والمطلوب سواء اقترن الخطابان أو افترقا.
ولا يخفى أنّ أكثر المطلقات المجامعة مع الخطابات المقيّدة ببعض الخصوصيّات من قبيل الأوّل ، وحينئذ فقد يحمل المشكوك فيه على الأعمّ الأغلب فيحمل المطلق على المقيّد ، إلّا مع قيام القرينة الدالّة على تعدّد الطلب والمطلوب.
ولا فرق فيما ذكر بين التقييد بالوقت وغيره من القيود ـ إلّا أنّ الكلام هنا إنّما وقع في الأوّل ـ ولا بين الإيجاب والندب.
وربما يقال بجريان مثله في النهي أيضا سواء ورد على وجه التحريم أو الكراهة ، بل وغيره من الخطابات المشتملة على تعليق بعض الأحكام على الوقت أو غيره ، كتعليق الخيار وحقّ الشفعة وغيرهما على الزمان المخصوص أو الحالة