اللفظ ، إنّما نقول بامتناع التكليف بعين ما تعلّق به الأمر الأوّل كلّيا كان أو شخصيّا في الوقت أو خارجه. وذلك معنى الإجزاء لا إسقاط الأمر الآخر المتعلّق بفعل آخر مغاير للأوّل من حيث الخصوصيّة. فالمراد به إسقاط المأمور به بعينه بعد وقوعه دون غيره ، فلا يمكن تعلّق أمر آخر بتحصيل الأمر الحاصل فضلا عن توهّم دلالة الأمر الأوّل عليه ، أو إسقاط الأمر الأوّل بعينه فلا يعقل بقاؤه بعد امتثاله. ومرجع الوجهين إلى واحد ، إذ الأمر الثاني حيث لا يكون تأكيدا للأوّل بل يكون مستقلّا في إفادة الوجوب يستدعي مطلوبا آخر غير الأوّل.
الثاني : أنّه لو لم يستلزم الاجزاء لزم تعذر العلم بالامتثال أبدا لجواز أن يأتي بالمأمور به حينئذ على وجهه ولا يسقط عنه.
واعترض أوّلا : بتوافق الفريقين على الإجزاء بمعنى إفادة الامتثال ، وإنّما الكلام في إسقاط القضاء.
وثانيا : بأنّ الخصم إنّما يدّعي عدم اللزوم عقلا فلا ينافي العلم بحصوله شرعا ، بل الأصل مع الشكّ أيضا عدم لزوم القضاء ، فيتوقّف ثبوته على دليل آخر ، فيحصل العلم بالامتثال مع انتفائه.
والجواب : أنّ المراد بالامتثال سقوط التكليف والخروج عن العهدة بحيث لو تعلّق الأمر به ثانيا لكان واجبا آخر غير الأوّل ، وكان الإتيان به حينئذ إتيانا للواجب في وقته فلا يعقل أن يكون قضاء للأوّل. فإن اقتضى الأمر ذلك لزمه الإجزاء وإسقاط القضاء ، وإلّا لزم امتناع العلم به وإن أتى به في الوقت وخارجه ألف مرّة إلّا مع قيام الدليل عليه بخصوصه ، إذ لو حصل العلم بدونه فإمّا أن يحصل بتكراره بعدد معيّن أو بعدد غير معيّن. والأوّل ترجيح لبعض الأعداد من غير مرجّح والثاني محال ، فتعيّن حصوله بالأوّل كما هو مقتضى الاتّفاق على إفادة الامتثال. فإذا حصل العلم بسقوط التكليف والخروج عن العهدة امتنع عوده بعينه فضلا عن بقائه بالأوّل ، وإنّما يعقل معه تعلّق تكليف آخر بفعل آخر ، وقد عرفت خروجه عن محلّ المسألة.