الثالث : أنّه إن اكتفى في الإجزاء بإدخال الماهيّة في الوجود ثبت المطلوب ، وإلّا لزم اقتضاء الأمر للتكرار وهو باطل.
واعترض : بالفرق البيّن بين هذه المسألة ومسألة اقتضاء الأمر [للتكرار] ، إذ التكرار على القول به مدلول للأمر فكان الأمر قد تعلّق بكلّ فرد من الأفراد المتكرّرة أو بمجموعها بدلالة المطابقة أو التضمّن على قدر ما يدّعيه القائل به من المرّتين أو الأكثر بحسب اقتضاء العرف ، وحينئذ فيأتي الكلام في أنّ الإتيان بكلّ واحد منها أو بمجموعها هل يقتضي سقوط التعبّد به ثانيا بالالتزام أو لا يقتضي ذلك؟ فلا ربط له بالقول بالتكرار ولا يستلزمه.
وفيه : أنّ الغرض أنّ الأمر لو لم يستلزم سقوط التعبّد بالفعل ثانيا لكان باقيا على حاله ويلزمه التكرار ، إذ لا واسطة بين السقوط وعدمه. لكن قد يقال بعدم دلالة الأمر على شيء من الأمرين وإن لم يكن بينهما واسطة.
الرابع : أنّ النهي يدلّ على فساد مورده إذا كان عبادة ، فالأمر يدلّ على الإجزاء. وهو كما ترى ، إذ الثاني أوضح وأظهر من الأوّل فلا يمكن الاستدلال عليه بقياسه على الأخفى مع فساده.
احتجّ الخصم بوجوه :
الأوّل : أنّ الأمر إنّما يدلّ على طلب الماهيّة المعرّاة عن جميع القيود الخارجيّة فالطلب مدلول الهيئة والماهيّة المطلقة مدلول المادّة ، والسقوط أمر خارج عنهما. وفيه : أنّ غاية الأمر خروجه عن المدلول المطابقي بل والتضمّني أيضا ، والمدّعى دلالته عليه بالالتزام فلا منافاة.
الثاني : أنّ النهي لا يدلّ على فساد المنهيّ عنه ، فالأمر أيضا لا يدلّ على إجزاء المأمور به ، وهو قياس مع الفارق ، ولو تمّ ذلك لكان العكس أولى كما مرّ ، لثبوت دلالة النهي على الفساد عندنا.
الثالث : أنّه لو دلّ على السقوط لسقط قضاء الحجّ بالأمر المتعلّق بإتمام فاسده وهو خلاف الاتّفاق. وفيه : أنّ القضاء لو سلّم بالمعنى المعروف فإنّما يجب