ومنها : قدرته على الفعل المكلّف به فلا يجوز التكليف بغير المقدور ، وهو من شرائط المكلّف به أيضا ـ كما سيجيء إن شاء الله تعالى ـ فهو باعتبار كونه وصفا للمكلّف وهو كونه قادرا مختارا يكون من شرائطه ، وباعتبار كونه وصفا للفعل وهو كونه مقدورا يكون من شرائطه. ومعنى القدرة تمكّنه من الفعل والترك جميعا ليتحقّق الاختيار المصحّح للتكليف والمجازاة عليه ، فلابدّ من انتفاء الإلجاء إلى الفعل بأقسامه ليبقى معه حقيقة الاختيار.
ومنها : تمكنه من قصد الامتثال والطاعة وإن لم يكن من العبادة ، فلا يكفي إمكان الموافقة الاتّفاقية وإن تحقّق بها الغرض والغاية. فلا يجوز تكليف الغافل عن الفعل ـ كالساهي والمخطئ ـ أو عن التكليف ، كالناسي والجاهل المطلق في حال الغفلة. ولا يجوز تكليفه بغير ما غفل عنه من أجزاء الفعل وشرائطه أيضا ، لتوقّف الامتثال على الشعور والالتفات إلى التكليف بأركانه الأربعة ولو على سبيل الإجمال ، فلا يمكن تعليق التكليف على عنوان الناسي ولو بغير موارد النسيان ، لامتناع التفاته إلى كونه مكلّفا بذلك في تلك الحال.
نعم يجوز اندراجه في عنوان المكلّف حيث لا يكون وصف النسيان ملحوظا فيه ، لإمكان التفاته في حال النسيان إلى العنوان الأعمّ.
والحاصل : أنّ الغافل عن أحد أركان التكليف يمتنع تكليفه في تلك الحال. لكنّ الغفلة عن المكلّف به راجعة إلى عدم القدرة على الفعل فيرجع إلى الشرط السابق. والغفلة عن سائر الأركان مانعة من القصد إلى امتثاله. ولا فرق بين حصول الغفلة في تمام العمل أو جزئه ، لانتفاء الكلّ بانتفاء جزئه وتعذّر الكلّ بتعذّر جزئه. وكما تمنع من ابتداء التكليف كذا تمتنع من استمراره ، إلّا أنّ الغفلة المستندة إلى الأسباب الاختياريّة كالمسامحة وقلّة العناية لا ترفع الإثم واستحقاق العقوبة. وأمّا الفعل الواقع في تلك الحال من باب الاتّفاق فليس من المأمور به.
وقد يورد النقض على ذلك بوجوه :