في الاحتجاج (١) من سؤال دفع البلايا العظيمة الواقعة على الامم السابقة ، تعليلا بأنّ الحكم في جميع الامم عدم تكليفهم بما فوق طاقتهم.
ومنها : قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ)(٢) لدلالته على التكليف بالسجود مع عدم الاستطاعة.
ومثله : ما ورد في حقّ المصوّرين أنّهم يكلّفون يوم القيامة بنفخ الروح في تماثيلهم (٣) ، مع وضوح امتناعه.
وفيه : أنّ الدار الآخرة دار مجازاة وليست بدار عمل ، والتكليف فيها محمول على التعجيز أو السخريّة أو نحو ذلك.
ومنها : ما جاء في التكليف بالنظر والفكر (٤). ومن البيّن توقّف ذلك على القضايا الضروريّة دفعا للتسلسل ، والتصديق بها موقوف على تصوّر مفرداتها ، والتكليف به تكليف بالمحال ، لأنّه إن كان حاصلا كان إيجاده تحصيلا للحاصل وإلّا امتنع طلبه.
وهذا من غرائب الكلام إنّما الممتنع تكليف الغافل ، وأمّا الشاعر الملتفت إلى محلّ النظر فلا يمتنع عليه الفكر الموجب لحصول التصديقات وإن كانت مسبوقة بالتصوّرات ، لامكان اكتسابها بعد الالتفات الإجمالي أو بعد حصول تلك التصوّرات ، فلا تكليف إلّا بتحصيل التصديقات المقصودة وهو ظاهر.
ثمّ إنّ الأدلّة النقليّة على نفي التكليف بما لا يطاق ، والإشارة إلى عدم جوازه عقلا كثيرة. كصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : الله أكرم من أن يكلّف الناس ما لا يطيقون (٥). ورواية حمزة بن حمران عنه عليهالسلام قلت : إنّي أقول إنّ
__________________
(١) الاحتجاج : ص ٢٢١ ـ ٢٢٢.
(٢) سورة القلم : ٤٢.
(٣) البحار : ج ٧٩ ص ٢٨٧ ح ٦ ، وفيه (هم المصوّرون يكلّفون يوم القيامة ان ينفحوا فيها الروح).
(٤) سورة الاعراف : ١٨٥ ، سورة الجاثية : ١٣ ، البحار : ج ٣ ص ٢٦ ح ١.
(٥) البحار : ج ٥ ص ٤١ ح ٦٤.