وثانيا : أنّ ما ذكره إنّما يتمّ لو كان مفاد الصيغة هو خصوص الفعل في أوّل أزمنة الإمكان حتّى أنّه لو فات الفعل في أوّل الأزمنة منه فات الفوريّة.
وأمّا إن قيل بوجوب الفور بمعنى لزوم التعجيل فيه على حسب الإمكان فيتدرّج الفور على حسب مراتب التأخير ، فلا يعقل كون تقييد المطلق به قاضيا بسقوط الواجب حينئذ ، لفوات الفعل في أوّل أزمنة الإمكان ، بل هو قاض بخلافه.
فما ذكره المصنّف من المبنى غير ظاهر ، والتحقيق فيه ما ذكره العلّامة كما أشرنا إليه ، وحيث إنّ المسألة لغويّة فلابدّ من ترجيح أحد الوجهين اللذين ذكرهما بالرجوع إلى اللغة أو فهم أهل العرف ، ليستكشف به الوضع اللغوي حسب ما قرّرنا.
قوله : (ولا ريب في فواته بفوات وقته).
يريد بذلك بيان الحقّ في المسألة وأنّه بناء على الوجه المذكور يفيد التوقيت ، ومع إفادته التوقيت لا ريب في فواته بفوات وقته ، بناءا على ما هو الحقّ في تلك المسألة وإن خالف فيه من خالف فإنّ مجرّد وجود الخلاف في المسألة لا يجعلها ظنيّة فضلا عن كونها مجهولة.
فتبيّن بذلك أنّه على القول بدلالة صيغة الأمر على الفور يكون الصواب هو القول بفوات الوجوب عند فوات الفور ، ولا ينافي وجود القول بعدم فوات الموقّت بفوات وقته وكونه محلّا للخلاف.
نعم لو أراد بذلك بيان عدم الخلاف في الفوات على القول المذكور تمّ ذلك وليس بصدده ، بل هو فاسد قطعا. فالإيراد بكون ذلك معركة للآراء وقد قال جمّ غفير بكون القضاء بالأمر الأوّل فمجرّد كون الفور مدلول الصيغة لا يكفي في تحقيق المقام كما ترى ، إذ ليس مقصود المصنّف تحقيق المقام بمجرّد كون مدلول الصيغة ذلك ، بل بعد ما قرّر من كون مفاد الصيغة هو التوقيت بما تقرّر عنده واتّضح من فوات الموقّت بفوات وقته ولا ينافي ذلك وقوع الخلاف فيه.
قوله : (فحيث يعصي المكلّف بمخالفته).
أورد عليه : بأنّ طلب الفور والسرعة إن لم يقتض تقييد الطلب بالزمان المعيّن