لم يكن قاضيا به في الصورة الاولى أيضا ، وإن اقتضى التقييد به فلا يصرفه عن ذلك كون الدالّ عليه خارجا ، كما إذا دلّ دليل من خارج على كون الواجب موقّتا ، فإنّ ذلك الواجب أيضا يفوت بفوات وقته من غير فرق بينه وبين ما دلّ الخطاب الأوّل على توقيته ، فلا فرق في ذلك بين الصورتين حسب ما قرّره.
وضعفه ظاهر ، إذ ليس مناط كلام المصنّف الفرق بين التوقيتين ، بل غرضه أنّه لو دلّ نفس الصيغة على إرادة إيقاعه في الزمان الأوّل كان ذلك لا محالة مقيّدا للطلب المذكور ، وحيث إنّه طلب واحد يلزم منه التوقيت ، إذ ليس مفاد التوقيت إلّا طلب الفعل في الوقت ، وأمّا لو دلّ الخارج على وجوب المسارعة فلا يلزم منه التوقيت وتقييد الطلب الأوّل به حتّى يكون المطلوب مقيّدا بالوقت المفروض ، إذ لا دلالة في ذلك على اتحاد المطلوب ، بل الظاهر من إطلاق الدليلين تعدّد المطلوب ، فنفس الفعل على إطلاقه مطلوب والمسارعة إليه مطلوب آخر فلا باعث للحكم بفوات الفعل عند فوات الفور.
نعم لو دلّ الدليل الخارجي على توقيت ذلك الواجب بالفور ـ كما هو الحال في الموقّت الّذي ثبت التوقيت فيه من الخارج ـ كان الأمر على ما ذكره ، لأنّ ما دلّ على وجوب المسارعة والاستباق من الآيتين لا دلالة فيه على ذلك.
فدعوى أنّ مجرّد الأمر بالمسارعة والاستباق قاض بتوقيت الفعل بذلك حقيقة خالية عن الدليل ، بل الأصل وظاهر الإطلاق قاضيان بخلافه.
قوله : (والّذي يظهر من سياق كلامهم).
لا يخفى أنّ كلامهم كالصريح في ذلك ، فإنّ الكلام في مفاد الصيغة ومقتضاه على ما هو الحال في دلالته على الوجوب ، فالترديد الّذي ذكره المصنّف في المقام غير متّجه.
نعم هناك قول لبعض المتأخّرين بوجوب الفور من الخارج بدلالة الشرع عليه ، وهو قول شاذّ ليس التفريع المذكور مبنيا عليه كما لا يخفى.
* * *