واحتجّ من قال بالمرّة بأنّه إذا قال السيّد لعبده : ادخل الدار ، فدخلها مرّة عدّ ممتثلا عرفا ، ولو كان للتكرار لما عدّ.
والجواب : أنّه إنّما صار ممتثلا ، لأنّ المأمور به ـ وهو الحقيقة ـ حصل بالمرّة ، لا لأنّ الأمر ظاهر في المرّة بخصوصها ، إذ لو كان كذلك لم يصدق الامتثال فيما بعدها. ولا ريب في شهادة العرف بأنّه لو أتى بالفعل مرّة ثانية وثالثة لعدّ ممتثلا وآتيا بالمأمور به. وما ذاك إلّا لكونه موضوعا للقدر المشترك بين الوحدة والتكرار ، وهو طلب إيجاد الحقيقة ، وذلك يحصل بأيّهما وقع.
واحتجّ المتوقّفون : بمثل ما مرّ ، من أنّه لو ثبت ، لثبت بدليل ، والعقل لا مدخل له، والآحاد لا تفيد ، والتواتر يمنع الخلاف.
والجواب : على سنن ما سبق بمنع حصر الدليل فيما ذكر ؛ فإنّ سبق المعنى إلى الفهم من اللفظ أمارة وضعه له ، وعدمه دليل على عدمه. وقد بيّنا أنّه لا يتبادر من الأمر إلّا طلب إيجاد الفعل ، وذلك كاف في إثبات مثله.