سابعها : أنّ المراد بالانتهاء قبول النهي والتديّن به والأخذ بمقتضاه ، إن تحريما فتحريم وإن كراهة فكراهة ، فالمقصود وجوب تلقّيهم أوامره ونواهيه بالقبول ، وأين ذلك من الدلالة على استعمال نواهيه في التحريم فضلا عن وضعها له ولا أقلّ من احتمال حمله على ذلك ومعه لا يتمّ الاستدلال.
ثامنها : أنّ لفظ الإيتاء ظاهر في الإعطاء وهو ظاهر في التعلّق بالأعيان كما هو الظاهر من لفظ الأخذ أيضا فيكون المراد بالنهي في مقابلته بمعنى المنع منه كما في قوله : ولقد أتيتك اكماء وعساقلا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر. والآية إنّما وردت بعد ذكر الغنائم ، فالمراد على هذا : أنّ ما أعطاكم الرسول من الغنيمة وعيّن لكم من السهم فخذوه ، وما ذاد عنكم ومنعكم منه فانتهوا عنه ، ولا تزاحموه في القسمة ولا تطلبوا منه زيادة عمّا عيّنه لكم ، كما ورد نظيره في غيره من الآيات ولا ريب في لزوم اتّباعه في ذلك ، فلا ربط للآية بالخطابات الشرعيّة.
تاسعها : أنّ أقصى ما تفيده الآية بعد الغضّ عن جميع ما ذكر دلالة صيغة النهي مجرّدة عن القرائن على التحريم ، ولا يستلزم ذلك وضع الصيغة له ، إذ قد يكون ذلك من جهة انصراف الإطلاق إليه على نحو ما مرّ في الأمر حسب ما اخترناه في المقامين.
ويمكن الجواب عن الأوّل : أنّه إذا ثبت كون نواهيه للتحريم ثبت ذلك بالنسبة إلى العرف واللغة بأصالة عدم النقل. وأجاب عنه المصنّف بوجهين :
أحدهما : أنّ تحريم ما نهى عنه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يدلّ بالفحوى على تحريم ما نهى الله سبحانه عنه ، وكان الوجه فيه : أنّه إذا دلّ ذلك على وجوب طاعة الرسول في نواهيه أفاد وجوب طاعته تعالى بالأولى ، لظهور أنّ وجوب طاعة الرسول إنّما يأتي من وجوب طاعته تعالى.
وأنت خبير بوهن التعليل فإنّ وجوب الطاعة إنّما يقضي بوجوب ترك ما أراد تركه على سبيل الحتم ، دون ما كان على سبيل الكراهة ، فإن كان مفاد الآية مجرّد وجوب الطاعة لم يرتبط بالمقصود ، وإلّا كان الاحتجاج بما دلّ على وجوب