ومنها : أنّه لا كراهة في التعرض للرشاش في نفسه وإلّا لكان الكون في الحمّام مكروها في غير حال الصلاة أيضا ، وإنّما المكروه التعرّض له في حال الصلاة فيصير مفاده أنّ الصلاة في الحمّام منهيّ عنها ، لكونها في معرض الرشاش فيتعلّق النهي بالصلاة أيضا ويعود المحذور.
وفيه : أنّه لو كان التعرّض للرشاش مكروها حال الصلاة لم يلزم منه أن يكون نفس الصلاة مكروهة ، إذ لا اتّحاد بين الصلاة والتعرّض المفروض في الوجود غاية الأمر أن يكونا متقارنين ، فكيف يصحّ القول بكون مفاد كراهة التعرّض للرشاش في الصلاة كراهيّة نفس الصلاة لأجل العلّة المذكورة ، وكون النهي عن التعرّض له لأجل الصلاة لا يقضي بتعلّق النهي بنفس الصلاة.
غاية الأمر أن يكون ثبوت الكراهة الحقيقيّة الثابتة للتعرّض معلّلا بتسبيبه نقصا في الصلاة ، فعلى هذا يكون كراهة التعرّض للرشاش معلّلا بالصلاة لا العكس.
ومنها : أنّ ذلك لا يجري في كثير من الحمّامات وفي كثير من الأوقات ، وتخصيص الكراهة بغير تلك الصورة في غاية البعد.
ثمّ إنّه لا يجري الجواب المذكور في جميع موارد الكراهة ممّا عدا الأمثلة المذكورة كما يظهر بالتأمّل فيها.
قلت : إن كان مقصود المجيب جريان الجواب المذكور في جميع المكروهات من العبادات فلا يخفى ما فيه ، لظهور عدم جريانه في جملة منها. وإن أراد بذلك جريانه في جملة منها ويجاب عن غيرها بوجه آخر فلا بأس بما ذكر من الجواب ، وما ذكر من الإيراد حينئذ بيّن الاندفاع ، وبذلك يندفع ما قد يورد أيضا في المقام : من أنّ مثل الصلاة في مواضع التهمة ممّا هو من جزئيّات المفروض في هذه المسألة لا يجري فيه الكلام المذكور ، لتعلّق الكراهة هناك بفعل آخر اتّحد مع الصلاة حسب ما هو المفروض في محلّ النزاع فلا وجه حينئذ للقول بتعلّق النهي التنزيهي بأمر آخر سوى العبادة ، إذ المفروض اتّحاده معها فكما لا يجوز اتّحاد