بالجنس من حيث هو بل إنّما تعلّق به بملاحظة حصوله في الأفراد ، فيثبت هناك حكم الفرد كلّيا في النفي وجزئيّا في الإثبات أو كلّيا أيضا فيما يأتي بيانه إن شاء الله وكان الغالب في لام الجنس هو الثاني.
ثانيها : الاستغراق وهو أن يكون إشارة إلى جميع أفراد مدخوله وهو أيضا قسمان : حقيقي وعرفي ويفسّران بوجهين :
أحدهما : ما ذكره التفتازاني في مطوّله وهو أنّه إن كان المراد جميع أفراد المفهوم من اللفظ حقيقة كان الاستغراق حقيقيّا ، كما في قوله تعالى (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(١) فإنّ المراد من لفظة «الشيء» مطلق الشيء لغة. وإن كان المراد جميع أفراد المفهوم منه عرفا في ذلك المقام كان الاستغراق عرفيّا ، كما في قولك : جمع الأمير الصاغة ، فإنّ المتبادر منه عرفا في خصوص المقام هو صاغة البلد أو مملكة الأمير فيكون الاستغراق بالنسبة إلى ذلك المعنى لا ما وضع له.
وثانيهما : ما ذكره التفتازاني في شرح المفتاح وتبعه السيّد الشريف وجعله بعض المحقّقين أقرب إلى التحقيق وهو أنّ الشمول إن كان حقيقيّا بأن لا يخرج عنه شيء من أفراد متعلّقه كان الاستغراق حقيقيّا ، وإن لم يكن شموله كذلك لكن يعدّ في العرف شمولا كان الاستغراق عرفيا ، فالاستغراق الحقيقي على المعنيين لا اختلاف فيه. وأمّا العرفي فيختلف بملاحظة اختلاف العرف في المقامات على التفسيرين ، والفرق بين المعنيين أنّ الخروج من مقتضى الحقيقة اللغويّة في الاستغراق على الأوّل في مدخول الأفراد والاستغراق فيها على حدّ سواء وعلى الثاني يكون الخروج في الاستغراق فيكون التصرّف في نفس الأداة.
أقول : لا يخفى أنّ ملاحظة العرف في مدخول اللام في جعل الاستغراق عرفيّا ممّا لا يتمّ ، إذ لو بني على ذلك لزم أن يكون جميع الألفاظ المستعملة في غير معانيها اللغويّة ـ ممّا استعملت في حقائها العرفيّة أو مجازاتها اللغويّة ـ إذا تعلّقت بها أداة الاستغراق من الاستغراق العرفي لا الحقيقي ، وذلك ما لا يتوهّمه أحد
__________________
(١) الحديد : ٥٧.