منهم. فليس المناط في كون الاستغراق حقيقيّا أو عرفيّا كون مدخوله مستعملا في حقيقته الأصليّة أو فيما يفهم منه في العرف الطارئ مطلقا ولو بمعونة المقام ، فتعيّن البناء على الوجه الثاني في تعيين القسمين. فالاستغراق الحقيقي ما يكون شموله حقيقيّا ، والعرفي ما كان الشمول فيه عرفيّا. لكن لا يخفى عليك أنّ البناء على ما ذكر يشكل أيضا بأنّ الشمول في قولك : «جمع الأمير الصاغة» ليس شمولا لجميع أفراد الصاغة ليكون جمعه بجميع صيّاغ مملكته منزّلا في العرف منزلة جمع جميع صاغة العالم كما لا يخفى.
وكان التحقيق في المقام أن يقال باتّحاد مدخول اللام في الحالين والمقصود من أداة العموم الداخل على اللفظ هو الشمول والاستغراق فيهما ، لكن قد يراد منها الشمول لجميع أفراد مدخولها ، وقد يراد بها الشمول لنوع خاصّ يساعد عليه المقام أو العرف فالأوّل هو الحقيقي والثاني هو العرفي. فلا فرق بينهما بملاحظة مدخول الأداة ولا في إرادة الشمول بها ، وإنّما الفرق بينهما في كيفيّة الشمول لا غير. فتدبّر جدّا.
وثالثها : أن يكون للعهد أي الإشارة إلى المعهود وهو على ما فسّره التفتازاني أن يكون إشارة إلى حصّة من الحقيقة معهودة بين المتكلّم والمخاطب واحدا كان أو إثنين أو جماعة ، وعنه في التلويح تحديده اللام الّتي للعهد بما اشير إلى حصّة معيّنة من الحقيقة.
قلت : وتخصيص العهد بكونه إشارة إلى الحصّة خلاف الظاهر ، فإنّ المعهود قد يكون جنسا بل وجميع الأفراد فإنّه إذا تقدّم ذكر الجنس أو جميع الأفراد ثمّ اشير بالمعرّف باللام إليه من حيث تقديمه في الذكر ومعهوديّته عند المخاطب كان اللام للعهد عند التحقيق.
فالحقّ التعميم في ذلك ، ولذا فسّره بدر الدين بما يعمّ الإشارة إلى الحصّة وغيرها حيث عرّفه بأنّه ما عهد مصحوبها بتقدّم ذكر أو علم ، وكذا أطلق المحقّق الاسترابادي في تحديده. وكان الحامل له على التخصيص أنّ ملاحظة المعهوديّة