رابعها : أن يراد به الفرد ويطلق عليه لا من حيث خصوصيّته بل من حيث مطابقته لتلك الحقيقة فيكون ما استعمل فيه اللفظ حينئذ هو تلك الطبيعة المطلقة إلّا أنّه اطلق على الفرد مع إرادة تلك الطبيعة منه. والحال في الوجه الأوّل ظاهر لكونه مستعملا فيما وضع له قطعا فهو حقيقة بلا إشكال. وبيان الحال في الوجوه الاخر يتوقّف على تفصيل القول في إطلاق الكلّي على الفرد وبيان الحال فيه.
فنقول : إنّ اطلاق الكلّي على فرده يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يستعمل في الطبيعة والخصوصيّة بأن يراد منه خصوص الفرد ولا شكّ إذن في كونه مجازا لاعتبار غير الموضوع له معه فيما استعمل اللفظ فيه فيكون مفاد ذلك اللفظ مخصوصا بما استعمل فيه من الفرد من غير أن يصدق على غيره ، ضرورة عدم صدق تلك الخصوصيّة المأخوذة فيه على غيره فينحصر مدلول ذلك اللفظ فيه ، ومن ذلك أيضا أن يستعمل في الطبيعة وخصوصيّة ما في الجملة وذلك بأن يراد منه فرد ما لاعتبار غير الموضوع له فيكون مجازا أيضا.
ثانيهما : أن يستعمل في الطبيعة المطلقة ويطلق على الفرد من جهة انطباقه على الطبيعة وصدقها عليه لا من جهة خصوصيّته وتشخّصه ، وإن شئت قلت : إنّه يستعمل في الفرد من جهة انطباقه على الطبيعة فالطبيعة المطلقة مرادة منه قطعا غير أنّ ما اطلق عليه الفرد من جهة كونه مصداقا له متّحدا معه فقد اطلق اللفظ مع إرادة الطبيعة منه على الفرد لاتّحاده معه. ألا ترى أنّ «هذا الرجل عالم» يفيد ثبوت مفهوم الرجوليّة لذلك الفرد ، فهو بمنزلة حمل ذلك المفهوم عليه حملا متعارفا وإن كان هناك فرقا بينهما يأتي الإشارة إليه ، وهو بخلاف ما إذا استعمل في خصوص الفرد فإنّه لا يراد منه إذا معناه الكلّي بل المستعمل فيه هو خصوص الفرد ، فيكون حمله على ذلك الفرد حملا ذاتيّا لاتّحاد الموضوع والمحمول فيه بالذات ولذا كان اللفظ هناك مجازا وهاهنا حقيقة ، لاستعمال اللفظ فيما وضع له من غير ضمّ شيء إليه.
فإن قلت : لا شكّ في كون الفرد مغايرا للطبيعة من جهة اشتماله على