المفروض وضع اللفظ للطبيعة وعدم حصول الطبيعة إلّا في ضمن الفرد المعيّن دون فرد مّا. فلا يصحّ إطلاق اللفظ حقيقة على ما لم يوضع له ، فليس الخروج عن الموضوع له حينئذ من جهة انتفاء تلك الحالة الحاصلة في حال الوضع بل لانتفاء أصل المعنى الّذي وضع بإزائه وقد جعل ذلك وجها آخر في الإيراد عليه ـ حسب ما ذكرناه ـ فلو صحّ ما ذكرناه من إرجاع هذا الإيراد إليه فلا وجه لعدّهما إيرادين ، فالتمسّك في أحدهما بملاحظة وضعه للطبيعة حال الانفراد فلا يصحّ إطلاقه عليه حال ملاحظة الأفراد ثمّ إرجاع ذلك إلى عدم وجود الطبيعة هناك أصلا فليس إطلاقا للّفظ عليها كما هو قضيّة إيراده.
رابعها : ما ذكره من «أنّ المراد في المقام هو الطبيعة في ضمن فرد مّا ولا وجود للطبيعة كذلك» فإنّ على ما ذكره يكون قد اطلق الكلّي على فرد مّا مبهم بحسب الواقع ولا ريب أنّ ذلك غير مراد من المعهود الذهني بل ولا من الكلّيات الّتي يطلق على أفرادها إلّا نادرا ، فإنّ الكلّيات المأخوذة على الوجه المذكور ممّا لا وجود لها في الخارج ولا يمكن إيجادها كذلك ، فلا يتعلّق بها غرض في الغالب. واللئيم في المثال المفروض قد اطلق على لئيم معيّن بحسب الواقع لكن لم يرد المتكلّم بيانه للمخاطب إلّا بعنوان أنّه أحد الأفراد حيث لم يأت بما يدلّ على التعيين ، وإنّما دلّت نسبة المرور إليه على كونه في ضمن فرد معيّن بحسب الواقع غير معيّن في العبارة ، وهذا هو المراد بإطلاقه على فرد مّا ، ضرورة أنّ المبهم على إبهامه ممّا لا يمكن تعلّق المرور ولا شيء من الأحكام الخارجيّة به. وكذا الكلام في نحو ادخل السوق إذا لم يكن هناك سوق معهود في الخارج فإنّه قد اطلق حينئذ على أحد الأسواق المعيّنة بحسب الواقع وقد اتّحدت الطبيعة بكلّ واحد منها فهي لا محالة متّحدة مع أحدها لا بمعناه الإبهامي ، إذ لا يصدق على شيء منها ولا وجود له في الخارج أصلا ولا مفهوم أحدها إذ لا اتّحاد للطبيعة إيّاه بنفسه بل المراد مصداق أحدها ، فالمراد به الطبيعة المتّحدة مع أفرادها فهو بهذا المعنى قد اطلق على أحدها ، فالسوق في قولك : ادخل السوق قد اطلق على أحد