الأسواق الخارجيّة وقد استعمل اللفظ في الطبيعة المطلقة من حيث انطباقها لأحد تلك الأسواق ، وهذا بعينه جار في قولك : «مررت على اللئيم» إلّا أنّه لمّا كان الممرور به معيّنا بحسب الواقع أمكن القول بإطلاقه عليه حسب ما قرّرنا أوّلا. فظهر بذلك ضعف قوله «إنّه قد اطلق هنا على مفهوم فرد مّا ولا وجود له في الخارج حتّى يتحقّق الطبيعة في ضمنه. وقوله «نعم مصداق فرد مّا يتّحد معه في الوجود وليس بمراد جزما» فإنّه إن أراد به خصوص الفرد المعيّن فكذلك لكنه ليس بمراد جزما ، وإن أراد به خصوص أحد تلك الأفراد الّذي يعبّر عنه بأحد الأفراد فأيّ شيء أوجب الجزم بعدم إرادته؟ وأيّ مانع من أن يراد من الدخول في السوق الدخول في أحد أفراده؟ بإطلاق السوق عليه من حيث اتّحاد الطبيعة معه ، ضرورة أنّها إذا اتّحدت مع كلّ منها فقد اتّحدت مع أحدها بالمعنى المذكور.
خامسها : إثبات الوضع النوعي للنكرة حيث قال «إنّ له وضعا نوعيّا من جهة التركيب مع التنوين ونفس معناه فرد مّا وطلبه يرجع إلى طلب الكلّي لا طلب الفرد ولا طلب الكلّي في ضمن الفرد فالمطلوب منه فرد مّا من الرجل لا طبيعة الرجل الحاصلة في ضمن فرد مّا» فإنّ الظاهر ـ كما أشرنا إليه ـ إنّ للتنوين وضعا شخصيّا حرفيّا للدلالة على كون الكلّي المدخول له حاصلا في ضمن الفرد ، لا أنّ مجموع الرجل والتنوين قد وضع وضعا نوعيّا ليدلّ على فرد مّا ليكون المجموع كلمة واحدة بحسب الحقيقة ويكون وضع الرجل الخالي عن التنوين مرتفعا في المقام ، ضرورة زيادة حرف آخر في أصل اللفظ الموضوع ، فيكون «كضارب» المأخوذ من الضرب في عدم بقاء الوضع الشخصي الحاصل بمبدئه في ضمنه وانّما وضعت المادّة والهيئة للمعنى المعروف بوضع نوعي ـ كما حقّق في محلّه ـ بل لكلّ من الاسم والتنوين وضع مستقلّ فلفظ «الرجل» مثلا خاليا عن اللواحق موضوع لنفس الطبيعة ـ كما بيّناه ـ وهو المعنى الصالح للحوق الطوارئ عليه من اللام والتنوين وعلامتي التثنية والجمع ، ولكلّ من تلك اللواحق إفادة لا ينافي مفاد تلك اللفظة بل يجامعه، لعدم المنافاة بين الطبيعة اللا بشرط والخصوصيّات الواردة